لن أصدق وزارة الداخلية فى أية رواية تصدرها لتبرئ نفسها من دم الشاب السكندرى خالد محمد سعيد، لن أصدق أى بيان رسمى من الوزارة يقول عن خالد إنه هارب من التجنيد، وأنه مدمن مخدرات.
أصدق فقط كلام زميلنا النابه فى "اليوم السابع" بهاء الطويل ابن الإسكندرية وصديق خالد الذى كتب مقالا مؤثرا بعنوان: "صاحبى خالد اتقتل"، قال بهاء إن خالد لم يكن ناشطا سياسيا ولا معارضا، ولم يتعاط المخدرات لأنه فى الأصل غير مدخن، ولم يبادل شخصا مهما العداء، وأدى الخدمة العسكرية مثل أى شاب مصرى.
سيناريو دفاع "الداخلية" عما ارتكبته محفوظ ومكرر، ينقصه فقط قولها إن خالد مريض نفسيا، ولأنه يحمل كل تراث التبريرات الأمنية فى مثل هذه الحوادث، فلم ولن يصدقه أحد، وبفرض أن خالد مدمن، وبفرض أنه لم يؤدِّ الخدمة العسكرية، هل يستوجب ذلك ذكر مثل هذه الأشياء لتبرير الجريمة.
خالد هو رواية بتجليات مختلفة عن كل معاناة المصريين مع واقعهم السياسى، فمن الخطأ النظر إلى ما حدث معه على أنه حادث فردى عابر، هو تعبير عن مجمل نكساتنا السياسية التى جعلت كل شاب لا يثق فى غد ه، لأنه لا يجد عملا كريما يصونه من مكاره الحياة، هو تعبير عن حياة سياسية لا توجد فيها ديمقراطية تؤدى فى أول مهامها صون كرامة الإنسان، وحساب المخطئ مهما كان نفوذه.
ما حدث لخالد، لا ينفصل عما حدث من تزوير فاضح فى انتخابات الشورى، ولا ينفصل عما يحدث من غضب عنيف بين المحامين والقضاة، وما يحدث فى الكنيسة من رفض واحتجاجات على حكم قضائى بمشروعية الزواج الثانى للمسيحيين، هى جميعا صورة واحدة لمشهد واحد عن وطن لم نعد نعرف إلى أين يسير.
لماذا أكتسب الشرطى كل هذه الغلظة حتى يضرب خالد إلى حد تحطيم عظامه؟ ومن الذى أعطى رجل الأمن كل هذا الشعور بأنه فوق الحساب، فصار هو الذى بقوم بالتزوير فى الانتخابات؟ من الذى تسبب فى أن يجعل صورة رجل الأمن مسبوقة بكل السلبيات عند المواطن العادى، رغم أنه يسهر على راحتنا متكبدا العناء أيضا؟
أسئلة ستبقى طالما بقى الوضع كما هو، وستؤدى دوما إلى أكثر من خالد محمد سعيد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة