اليوم وبعد مرور عام كامل على انتخابات الرئاسة الإيرانية، تقف حكومة طهران فى وسط مربع الكراهية أو الشر، كما يطلق عليه الرئيس محمود أحمدى نجاد، اليوم تكون الذكرى السنوية الأولى لأكبر صدام يحدث بين حكومة الملالى وبين المعارضة منذ ثورة الخومينى عام 1979، ولكنها ليست كعادة دول الشرق الأوسط التى تصحو فيها المعارضة يوما وتنام عشرا، فالمعارضة الإيرانية قدمت فى هذا الصدام ما يقرب من 50 قتيلا كانوا هم الوقود الذى أعطاها شرعية تحلم بها أى معارضة فى العالم، وهى زادت من أعداد المعارضة الإيرانية فى الخارج والذين خرجوا حاملين لافتات محرجة لرئيس الجمهورية الإسلامية تقول "نجاد أين صوتى"، فى الوقت الذى كان نجاد يخطب فيه قائلا: " إن إيران هى الدولة الأكثر ديمقراطية فى العالم" بعد فوزه بنسبة 62.63% من الأصوات (24 مليون صوت"، بينما اعتبر مير حسين موسوى– قائد المعارضة- أن نتيجة الانتخابات "خديعة مخجلة" (حصل على 33 % بحصيلة 13.216 صوتا).
الآن تقف طهران الرسمية محاطة بأربعة أضلاع كل منها ينتظر سقوط الناظم أو يسعى إليه، فإيران تنتظر عقوبات دولية صادرة من مجلس الأمن تزامنا مع الذكرى الأولى لانتخابات الرئاسة، وسط مخاوفها المتزايدة من تذبذب الحليفين الأقرب لها روسيا والصين، واللتين أبدتا نوعا من اللين تجاه الولايات المتحدة التى تقود فريق العقوبات لتمثل الضلع الأساسى الذى يهدد وجود النظام الإيرانى، يليه فى الخطورة المعارضة، التى بالتأكيد تنتظر فرصة مواتية للتصعيد، وهى لن تعدم الوسائل المناسبة، حيث كشفت تقارير حقوقية عقب الانتخابات الرئاسية أن الصحفيين والمدونين كانوا أحد أطراف الصدام بين الحكومة والمعارضة، وهم الذراع الإعلامية الأقوى للمعارضة وكانت أول من التفت إليها النظام فى إيران وقام بالتضييق عليها.
أيضا المعارضة تيقنت بشكل شبه كامل أن الصلابة والتماسك اللتين يتحلى بهما النظام الإيرانى، اهتزتا بشدة بعد ما جرى فى الانتخابات، وضد هذه النظرية، إن البطالة ارتفعت بإيران إلى 12 % من إجمالى السكان البالغ عددهم 75 مليون نسمة، فيما بلغت نسبة التضخم 25 % وهى مرشحة للزيادة بعد العقوبات الاقتصادية الجديدة، لأن نبرة الاحتجاج فاقت ما كانت تصبو إليه المعارضة نفسها وتخطت الأجهزة التنفيذية والحرس الثورى إلى منصب الإمام نفسه، ونال المرشد الأعلى للثورة، آية الله على خامنئى، وهو أكبر زعيم روحى فى إيران، نصيبه من الهتافات المعادية والاتهامات بالخروج عن مبادئ الإمام مؤسس النظام آية الله الخومينى، إلا أن الأخير أيضا وبسبب استخدام اسمه من قبل المعارضة تعرض هذا الاسم لبعض التشوهات لتصبح الصورة التى يطل بها النظام الدينى فى إيران مشوشة أكثر مما مضى، فإذا كانت الرموز الدينية، التى هى عصب النظام، تتعرض مثلها مثل الساسة لانتقادات حادة فماذا تبقى لدولة الملالى؟!.
تبقى من مربع الخطر الذى تقف فيه طهران ضلع واحد يجمع الكثير من المتناقضات، هذا الضلع هو الدول العربية التى تحمل علاقتها بإيران جميع ألوان الطيف السياسى، التحالف والاختلاف والتنافس والعداء، ولكنها تعلم جيدا أن هذه الدول تمثل لها الظهر الثانى الذى تستند إليه عندما يضيق عليها الخناق، كما أنها على يقين بأن وجود هذه الدول بينها وبين إسرائيل يعطل كثيرا من أى ضربات عسكرية مفاجئة، سواء أمريكية أو إسرائيلية، لأن الجغرافيا تحتم ذلك.
كما أن الغموض الذى يكتنف موقف بعض الدول العربية المجاورة يعوق حسم أى قرار عسكرى ضد طهران التى بدورها لا تقف صامتة تجاه كل هذه الاحتمالات فتلجأ لمناورات عسكرية متكررة، آخرها مقرر إجراؤها فى سبتمبر القادم على الخليج العربى إظهارا للقوة أمام أمريكا وترهيبا للأعداء المحتملين من جيرانها.
الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة