الشرف والأمانة قيم مغروسة فى نفوس المصريين، فنجد البسطاء منهم ومحدودى الدخل يفضل أن يجوع، ولكن لا يمد يده للحرام، ولقد رأيت بعين رأسى كثيرا من هذه النوعية التى تشرف أى وطن، بل رأيت من كان ابنه يصارع الموت وهو فى أمس الحاجة للمال، وكانت وظيفته تسمح بأن يكون من الأثرياء إذا باع ضميره وأغلق عينيه عن مخالفات لن تؤدى لمصائب كبرى، لكنه صمد أمام المغريات، وتحمل أن يرى المرض ينهش ابنه، لكنه بقى كالقمة الشامخة التى تتكسر عليها سفن الإغواء والانحراف.
وإذا وجدنا عذرا لمن يبيع ضميره ويقبل الرشوة، تحت ضغط الاحتياج - وإن كان ذلك أيضا مرفوض-، لكن ما بالكم بمن يقبع على كرسى منصب كبير، وراتبه يقدر بعشرات الآلاف، ثم نجده يمد يده للحرام، بل ويواصل مشواره المحرم مع الرشوة، بائعا ضميره لمن يدفع، متناسيا ما سيترتب على ذلك من كوارث يدفع ثمنها البسطاء من أبناء هذا الوطن.
لقد ابتليت مصر خلال العقد الأخير بمجموعة من المسئولين الذين باعوا ضمائرهم، وعشقوا الربح المحرم، وأرادوا الثراء السريع حتى لو كان ثمنه حياة الفقراء، فقد رأينا مسئولين فى مناصب كبرى يتهاوون فى أوحال الرشوة، كما حدث فى الرشوة الكبرى بالإسكان، وسقوط العشرات من مسئولى المحليات، وكان آخرها بمحافظة القاهرة وبنى سويف، وبعض مسئولى مصلحة الكيمياء ومديرى البنوك وغيرهم الكثير.
وكلما قلبنا صفحات هؤلاء الوظيفة سنجد أن دخلهم المشروع، يكفل لهم ولذويهم حياة كريمة، وتأمينا لمستقبلهم، لكنه الفساد الذى تربع على المشهد المصرى، وأيضا وصول قيادات غير صالحة لهذه المناصب، وحرمان أصحاب الاتجاهات السياسية الإصلاحية من هذه المناصب بدعوى الخوف من عدم ولائهم للنظام الحاكم.
إنها جريمة ترتكب فى حق الوطن، ويشرف عليها النظام الحاكم، وصدق نبينا عندما قال: "إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة"، وعلى الشرفاء أن يتصدوا للكبار الذين عشقوا الرشاوى والربح الحرام، وذلك من خلال كشفهم وفضح جرائمهم، وعلى الموظفين الذى يرون قياداتهم غارقين فى هذا الوحل أن يتصدوا لهم بكل قوة حتى نطهر وطننا من فساد الرشاوى والمحسوبية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة