أكرم القصاص - علا الشافعي

قراء «اليوم السابع» يحذرون الشيوخ من تكفير المنتحرين ويحسدون عمرو على شجاعته

الخميس، 10 يونيو 2010 04:31 م
قراء «اليوم السابع» يحذرون الشيوخ من تكفير المنتحرين ويحسدون عمرو على شجاعته
مصطفى الجارحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ أخطر ما فى الأمر أن هناك من عاب على المنتحر أنه لم يقتل أحد المسؤولين حتى يكون شهيداً

أدرك أن حياته بلا قيمة.. شىء يؤكده قرار إقدامه على الانتحار.. لكن الأكثر تأكيداً هو إصراره على أن يجعل من موته قيمة، وحديثاً تلوكه الألسن، وتتناوله الغالبية العظمى فى مصر والعالم العربى، والشىء الذى نعيه تماماً الآن هو أنه نجح فى رهانه، على الأقل حتى هذه اللحظة، أو إلى أن تأتى قصة أخرى أكثر دراماتيكية تغطى على قصته، فحتى مثول الجريدة للطبع قفزت تعليقات القراء على موقع الجريدة الإلكترونى لتتخطى الـ1000 تعليق وربما يزيد.. لذا فإن فكرة انتحاره، فى رأى غالبية المعلقين، تتجاوز محاولة لفت انتباه حبيبته، لتصبح إعلاناً صارخاً يحمل إدانة واضحة ليس لحبيبته فقط، وإنما لمجتمع لم ينصفه، ولنظام تحكم فى هذا البلد، ما ينبئ عن فواجع أخرى قادمة، ربما أقرب إلى الانتحار الجماعى.

قراءة عابرة وسريعة للتعليقات تؤكد يقيناً أننا بإزاء شباب فى مقتبل عمرهم، يحلمون فقط بعيشة آدمية كريمة، لكن القراءة المتأنية لهذه التعليقات تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن المجتمع مقدم لا محالة على كارثة ربما تتخطى فكرة الانتحار الجماعى لتستحيل تمرداً عاماً، أبطاله هؤلاء الصامتون، ويذهب البعض إلى وصف الكارثة القادمة بالطوفان الذى يجتاح كل شىء انتقاماً من الأثرياء.

أثار انتحار الشاب عمرو موسى، مشنوقاً على كوبرى قصر النيل، جدلاً كبيراً، وأظنه لن ينتهى، بين القراء الذين تناولوا قصته بالتعليق.. ومعظمهم كانوا متعاطفين معه، حتى أولئك الذين لاموه بقولهم «مفيش واحدة فى الدنيا تستاهل الواحد يموّت نفسه عشانها» وحتى الذين نصبوا أنفسهم آلهة وحاكموه بتهمة الكفر، بل ألقوا به فى النار، يمكنك أن تلمح تعاطفاً ما بين سطورهم.. لكن المثير أن نجد تعليقات تحرض على الثأر من المجتمع، وبالتحديد من رموزه ومسؤوليه، وهو ما يمكن أن نلمحه فى تعليق بإمضاء «وطنية» يقول «كفاية أحمد نظيف يتجوز وأحمد عز وهشام طلعت وأمثالهم يدفعون مهراً بالملايين، ومش بالجنيه لأ بالدولار. والله يا ابنى إنت شهيد الحرامية اللى سرقوا حقوقنا فى الحياة».. وتلتقط منها «حزينة جداً» طرف الخيط لتقول «شوفوا الأفراح والليالى الملاح والملايين المهدرة فى أفراح الحرامية اللى ماسكين البلد ولا حاسين بمعاناة الشباب».. ومن «حزينة جداً» إلى «إيهاب» الذى يتساءل «متى نرى أى أحد من المسؤولين ينتحر علشان لم يوفر حياة كريمة لأفراد الشعب؟».. ثم هو نفسه يجيب عن السؤال بقوله «طبعاً ده مش هيحصل لأنهم للأسف لم يقفوا فى طابور عيش أو ركبوا ميكروباص أو بيشربوا من الحنفية أو بيروحوا مستشفى حكومى».. «سماهر» هى الأخرى تلتمس الأعذار لمن سيقدم مستقبلاً على ارتكاب أعمال مشينة بقولها «حزينة على هؤلاء الذين مازالت لديهم مشاعر ولم يمارسوا الإجرام أو يغتصبوا البنات احتجاجاً على أوضاعهم».. وهكذا حتى نصل إلى تعليق محمد «هشام طلعت مصطفى يصرف هو ومحسن السكرى ملايين على سوزان تميم ويحيى الكومى يهدى الأخت السعودية خمسين مليون جنيه علشان نزوة رخيصة وأحمد نظيف فرحان جداً وهو بيعلن جوازه، قال وبيدافعوا عن محدودى الدخل وعن الشعب. انتقالة نوعية, تجعل عصام يحيل القصة إلى العجز بقوله «هذا الشاب لم يتخلص من حياته لمجرد فتاة ولكنه تخلص من حياته نتيجة لشعوره بالعجز .. مئات سبقوه ومئات سوف يلحقونه، وآلاف ينتحرون بوسائل أخرى كالمخدرات والتفاهة وتكبير الدماغ، والشعب المصرى أغلبه منتحرون بشكل أو بآخر».

ويبشر سامى عزب محمد بثورة قريبة، متوعداً حكومة المليارديرات بقوله «أغنى حكومة فى العالم هى الحكومة المصرية وسايبين الشعب يولع بجاز، بكرة الثورة جاية جاية، وستعود كل أموال الشعب للشعب».

ويطالب «إيهاب الصقر» المسؤولين بأن «يحسوا شوية» قائلاً: «الناس اللى بتاخد فى الشهر 2 مليون و6 مليون اللى هما الوزراء ولاد النصابة المفروض يحسوا بالناس، لأن الناس تعبت أوى، ده مش لاقى مصاريف جوازة والوزراء بيفكروا فى قضاء شهر العسل فى باريس ولا إنجلترا.. بلد بنت... ».

يمكنك أيضاً أن تقرأ ما يفكر فيه الناس عبر تعليق خطير كتبه أحمد «سيادته اعتبر فشله شخصيا وليس نتيجة إجرام الشلة ونهب البلد، طب كنت خد لك حد منهم معاك، ويبقى اسمك خدت بتارك، وبدل ما تموت كافر تموت شهيد».. وخطورة الأمر أن النغمة نفسها يعزف عليها محمد رضوان بقوله «هو كده كافر متهيألى لأنه انتحر، لكن لو كان قتل رئيس الوزراء وتاب بعدها فعادى مش مشكلة».

كما أرسل مصرى فى الغربة تعليقاً يقول «الحكومة ناوية والنية خير تخلى الشعب ده كله إما ينتحر أو يهاجر أو يتجنن، والله يعوض على الأجيال القادمة».. وينصحنا شادى بقوله «شوفوا مين السبب اللى خلى الناس تنتحر، مين اللى بيخلى الناس تطلع من هدومها، حاسبوا اللى ظلمكوا وكفر الناس فى عيشتها، حاسبوا اللى خلى الشباب يجيلهم سكر وضغط وسرطان والتهاب كبدى، حاسبوا اللى زور إرادة مصر كلها فى كل الانتخابات، قبل ما تحاسبوا الضحية حاسبوا المجرم اللى باع ضميره وباع أهله وباع مصر كلها للعدو الصهيونى وباع دم شهدائنا».

وكتب نور يقول «شاب زى ده لو ابن وزير ماكنش زواجه سبب أى مشكلة».

هكذا تسير غالبية التعليقات ما بين إلقاء اللوم على الظروف الاجتماعية، إلى تحميل الحكومة ذنب المنتحر.. لكن ربما الأخطر من التحريض بالانتقام ما تكشف عنه تعليقات تحسد عمرو على موته، ومنها ما قاله أحدهم «والله حظك حلو ده أنا مش عارف أعملها، كل محاولاتى فشلت»..وإذا كان البعض يسخر مما فعله عمرو بحجة أن النساء خائنات، فإن الأمر لا يخلو أيضاً من حسد الإناث، واحدة أطلقت على نفسها اسم «هبلة» تقول «عمرى ماكنت أتخيل إن لسه فيه راجل ممكن يحب واحدة لدرجة إنه يموت عشانها، أنا بجد بحسدك يا منى، ولو مكانك كنت عشت خدامة تحت رجليه» وكأنها مباراة يرد فيها الشباب على اتهامات الفتيات بعدم الإخلاص، بينما ترد الفتيات على اتهامهن بالخيانة.

ولا يفوتنا أن نعرض عينة لتعليقات شباب مصر حول آراء الشيوخ ورجال الدين، محمد على يقول «يا ترى سوف يخرج علينا رجال الدين على أن هذا المنتحر فى نار جهنم خالداً فيها، ولكنى أعتقد أن الله عادل ولن يقذف به فى النار»؟.

تلك فقط عينة عشوائية من تعليقات الشباب المصرى.. وكل من يمر على كوبرى قصر النيل من المؤكد أنه سيتذكر هذه الواقعة، وربما تدفعه ظروفه الضاغطة وضيق الحال لأن يفكر ألف مرة فى تقليد الشاب المنتحر عمرو.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة