العروسة جدتى أفراح لجدات من محافظات حدودية تزوجن بكلمة شرف.. وتحرر عقد زواجهن بعد 40 عاما

الخميس، 10 يونيو 2010 04:59 م
العروسة جدتى أفراح لجدات من محافظات حدودية تزوجن بكلمة شرف.. وتحرر عقد زواجهن بعد 40 عاما الأحفاد فى مقدمة المعازيم والقصص الغريبة والطريفة لا تنتهى
عفاف السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ أفراح لجدات من محافظات حدودية تزوجن بكلمة شرف.. وتحرر عقد زواجهن بعد 40 عاماً

«أنا العروسة.. وبناتى وحفيداتى المعازيم».. هكذا قالت الجدة «الست حليمة» وهى تمسك بيدها ورقة عقد الزواج التى عاشت عمرها بدونها الجدة حليمة هى واحدة من آلاف الجدات اللاتى ينتشرن فى أسوان وقنا ومطروح والبحر الأحمر وحلايب وشلاتين ومرسى علم والفيوم، وجميعهن تزوجن دون عقود توثيق، وهو ما يعرف بالزواج القبلى المنتشر فى محافظات مصر، ومعروف بزواج كلمة الشرف أو الإيجاب والقبول، وهو الزواج الذى تبذل مؤسسة تنمية الأسرة المصرية لمناهضة الزواج القبلى فى المحافظات الحدودية، جهودا لتحرير عقود زواج بأثر رجعى له، ووصل عدد توثيق هذه العقود فى العامين الماضيين لنحو 1000 عقد، تم توزيعها فى احتفالات كبيرة.. وتتواصل الحملة فى غضون الأسابيع القليلة المقبلة، حيث ستتوجه المؤسسة إلى محافظة الفيوم لتحرير عقود لـ100 حالة جديدة.

قصص الجدات والزوجات التى استمعت «اليوم السابع» إليهن عبر حضورها هذه الاحتفالات تحمل تفاصيل زواج كانت الكلمة هى مصدر توثيقه فقط، فيها من الغرائب والطرائف ما يستحق أن يروى، بالرغم من أن زواج القبائل فيه كل الأسس الدينية اللازمة لصحة الزواج، لكنه بلا عقد شرعى، أو أى أوراق رسمية، مما يتسبب فى مشاكل ومآس لأصحابه.. المثير فى هذا النوع من الزواج أنه يتم التعامل مع أصحابه بوصفهم خارج التعداد الرسمى للدولة، وتتفاوت نسبه من محافظة إلى أخرى.

وها هى فاطمة التى تسكن إحدى قرى مدينة كوم أمبو تتذكر ما حدث لها منذ عامين حين ودعت أهل قبيلتها وتمنوا لها جميعا رحلة سعيدة إلى القاهرة التى تزورها لأول مرة بعدما أخبرها زوجها أنه قرر زيارة آل البيت.. لم تنم فاطمة -كما تقول - ليلتها، فكثيرا ما سمعت من أقاربها الرجال عن قطارات النوم، ومحطة سكك حديد رمسيس، وشوارع القاهرة ومبانيها، وبعد رحلة طويلة وصلت إلى اللوكاندة التى اعتاد أهل قريتها النزول بها وهى المواجهة لمسجد سيدنا الحسين.. وكانت المفاجأة أن رفض موظف الاستقبال تسكينها وزوجها غرفة واحدة لعدم وجود أوراق تثبت علاقة الزواج بينهما.. شرد ذهن فاطمة وتعجبت لماذا لم يعترف موظف الفندق بزواجها الذى مر عليه خمسة عشر عاما أنجبت خلالها ثلاثة أبناء؟ وقررت العودة إلى قريتها بعد أن رفضت عرض زوجها للذهاب لأحد أقربائه بحى إمبابة.. وفى رحلة العودة استيقظت على حقيقة أن زواجها لم يكن حبرا على ورق معترفا به رسميا فى سجلات الدولة إنما كان زواجا قبليا مثلها فى ذلك مثل كل بنات قبيلتها والقبائل المجاورة الذى يتم فى حضرة كبير القبيلة وأهل العروسين بالإيجاب والقبول فقط.

أم عبدالله حكت هى الأخرى المأساة التى عاشتها نتيجة للزواج القبلى، فأم عبدالله سيدة أربعينية من نقادة بقنا، منذ أربعة أعوام أخبرها زوجها أنه قرر اصطحابها لزيارة بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج، طارت أم عبدالله فرحا وبدأت وفود العائلة لتهنئتها بالخبر السعيد.. وفى القاهرة وأثناء الإجراءات رفضت شركة الطيران ومن بعدها السفارة السعودية سفرها لأداء مناسك الحج لعدم وجود محرم لها، حيث لم تزد سن أم عبدالله وقتها عن 41 عاما.. وقتها لم تشفع توسلات الزوج لمسؤولى الداخلية والسفارة فى الموافقة على اصطحاب زوجته معه كمحرم لها وذلك لعدم وجود ما يثبت هذه العلاقة.

بكت أم عبدالله على ضياع حلم زيارة بيت الله الحرام وأخرجت من حقيبتها صورة قديمة لزفافها تحتفظ بها ورغم الدهشة التى علت وجوه الموجودين وتصديقهم لرواية الزوج والزوجة فإنهم قرروا عدم سفر الزوجة.. فالقاهرة ومبانيها الرسمية لا تعترف إلا بالأوراق والدفاتر.

وفى قرية مرسى علم القديمة وبعيدا عن الشاطئ الساحر بفنادقه ومنتجعاته الفاخرة تجمع أبناء القبائل للاحتفال بقريباتهم.. حاورت «اليوم السابع» «الست حليمة» 60 عاما، وهى جدة جاءت تتسلم هى وبناتها وحفيداتها وثائق الزواج وأصرت على أن تكون أول من يتسلم الوثيقة وسط فرحة الجميع، قالت: أول مرة فى حياتى أمسك بيدى ورقة رسمية تثبت أننى مصرية.. أعداد كبيرة من النساء والبنات فى قبيلتنا والقبائل المجاورة عشن ومتن من غير أن يكتبن فى سجلات البلد وأنا قبل انضمامى للحملة كنت مثلهن «أنا النهاردة مصرية». هكذا لخصت الست حليمة فائدة الورقة التى تمسكها بيدها وتضيف: إصرارى على توثيق زواجى شجع بناتى وحفيداتى على تقليدى وجئن جميعا لحضور الفرح.. أنا العروسة وبناتى وحفيداتى المعازيم.

أما رقية التى جاءت من قرية شلاتين التى تبعد عن مرسى علم 200 كيلو متر، فروت قصتها قائلة: تزوجت منذ 25 عاما زواجا قبليا مثل شقيقاتى وأبناء عمومتى وسعدنا جميعا وقتها بالزواج فقد تربينا على هذا الزواج ولم نر أبدا الراجل أبوعمة وقفطان «المأذون» الذى نشاهده فى التليفزيون، ولكن وفق أحكام القبائل لابد وأن يسير الجميع وفق هذه الأحكام، ولكن مع تقدم الحياة ظهرت المشكلات فقد كان آباؤنا وأجدادنا لا يتركون مكان إقامتهم، يأكلون مما يزرعون، أما الآن فقد تغير الحال فنظرا لضيق العيش وندرة الزراعة والأمطار خرج الأبناء لكسب العيش وتفرقوا فى البلاد وواجهتهم جميعا الصعاب بسبب عدم وجود أوراق رسمية تثبت علاقتهم بزوجاتهم، وأشارت إلى أن الوثيقة ضمان للست فبعد وفاة الزوج يمكنها أن تطلب معاش الأرامل، وتحفظ حقها هى وأولادها فيما ترك لهم الزوج.

ومن قرية الشيخ حسن الشاذلى فى مرسى علم قالت الشابة آمنة حسن: جئت لتسلم وثيقة زواجى أنا وقريبات لى فى القرية، وأشارت إلى أن زواجها تم منذ أربع سنوات وفق تقاليدنا، فهى كالسيف على الرقاب لكن مع كثرة المشكلات كالطلاق والميراث وتعليم الأبناء بدأ شيوخ القبائل فى تفهم الأمر ووافقوا على انضمامنا لحملة مناهضة الزواج القبلى.. فالوثيقة هى الضمان الاجتماعى لنا ولأولادنا.. وتحكى آمنة أن لها ابنة عم تزوجت من قبيلة تسكن فى مكان بعيد عن قبيلتها بـ200 كيلو، وبعد 5 سنوات من الزواج حدث الشقاق وبعده الطلاق وحدث الطلاق قبليا كما كان الزواج قبليا، ورغم أن زوجها من قبيلة ميسورة فلم تأخذ أى حق من حقوقها وحاولت رفع دعاوى فى المحاكم، لكن وجدت من يؤكد لها أن الدعوى لن تقبل لعدم وجود وثيقة زواج من الأصل.

أما عائشة من قرية «برنيس» التى تعد من أفضل أماكن السياحة العلاجية فى البحر الأحمر فقالت: وقفت أمام دموع ابنى وإصراره على الذهاب إلى التعليم خارج نطاق القبيلة، فعدم وجود أوراق حال دون ذلك، ومن وقتها حاولت أنا وزوجى الحصول على وثيقة تثبت زواجى منذ 20 عاما ولكن بلا فائدة فهناك تعقيدات وأوراق طلبت منا فى المحاكم، ونحن لا نملك أوراقا أصلا.. حزنت كثيرا لهذا الوضع فكيف أعيش أنا وزوجى وأولادى تحت سقف واحد ولا نستطيع أن نثبت هذا الزواج.

وتقول الدكتورة سهير المصرى، المدير التنفيذى للمؤسسة: إن الحملة بدأت فى محافظة أسوان 2006 فى مرحلتها الأولى واستطعنا بعد رصد حالات الزواج القبلى فى ثمان قبائل عمل تصادق لـ500 حالة بعدة قرى ونجوع، ومنذ عامين بدأنا المرحلة الثانية ووصلنا حتى الآن إلى 1000 حالة تصادق فى المحافظات الحدودية بمشاركة الجمعيات بها والحكم المحلى، واستطاعت الحملة خلال هذه الفترة تحفيز عدد 100 من رجال الدين و50 محاميا و5 قضاة لدعمها والاشتراك فى برامج التوعية بها، وقمنا أيضا بحملة إعلامية تنويرية تشير إلى الأضرار الناجمة عن هذا الزواج، وتم وضع إستراتيجية لمدة خمس سنوات قادمة حتى نستطيع من خلال الحملة الوصول إلى حالات الزواج القبلى غير الموثق وخلق ثقافة اجتماعية داعمة لمناهضة وتأمين بيئة قانونية آمنة للنساء المتزوجات قبليا.. كما أن الإستراتيجية تعمل على تخطيط وتنفيذ حملات دعوة لتغيير القوانين والسلوكيات التى تؤثر على موضوع الزواج القبلى.. وحاليا تنفذ خطة مشتركة مع الجمعيات الأهلية لتوعية الشباب بمخاطر الزواج غير الموثق، حيث خرج مشروع الحملة أساسا من رحم مشروع كبير لائتلاف جمعيات حقوق المرأة فى مصر لدراسة مشاكل تداعيات الزواج غير الرسمى، ومنه الزواج القبلى الذى اختارته المؤسسة كمشروع منفصل.. ورغم أننا واجهنا بعض الصعوبات فى بداية عملنا بسبب رفض شيوخ القبائل التدخل فى شؤونهم الخاصة حاولنا مخاطبة العقول المستنيرة التى وافقت على التعاون مع الحملة وفتحنا قنوات اتصال مع السيدات صاحبات المشكلة، ووجدنا تجاوبا سريعا منهن ساعدنا فى تحقيق نجاحات على مستوى الخطة الإستراتيجية الخمسية التى تنفذ حاليا.

أما هبة حسين، مدير المشروع، فتقول: بعد نجاح المرحلة الأولى فى قرى ونجوع محافظة أسوان بدأنا المرحلة الثانية التى استفاد منها حتى الآن 1866 زوجا وزوجة، مستفيدين بطريقة مباشرة و11256 من الأبناء والأحفاد والأقارب المستفيدين بطريقة غير مباشرة، وتشير هبة إلى أن المشروع قام بإعداد «ورقة عمل» لتعديل بعض المواد فى القوانين المصرية واللوائح التى تتعامل مع إجراءات توثيق «الزواج القبلى» بهدف معالجة المشكلات المترتبة على الأسرة، خصوصا المرأة والطفل، موضحة أن الورقة التى خرجت نتاج ورشة عمل قامت بوضع توصيات مهمة، منها إصدار مادة فى القانون تعاقب على عدم توثيق الزواج بالشكل الرسمى المعروف بالحبس مدة لا تقل عن عام ولا تتجاوز 6 سنوات، ورفع سن الزواج من 16 حاليا إلى 18 سنة، وضرورة إنشاء «دوائر مأذونية» فى المناطق الحدودية والنائية المحرومة من تلك الخدمة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة