الشلح والزواج الثانى يضعان الكنيسة فى مواجهة أحكام القضاء

الخميس، 10 يونيو 2010 04:33 م
الشلح والزواج الثانى يضعان الكنيسة فى مواجهة أحكام القضاء جانب من حفل زواج
عمرو جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ البابا يرفع الإنجيل فى وجه ميزان العدالة.. والأقباط ينتظرون قانون الأحوال الشخصية الجديد

أسوأ ما فى أزمة الزواج الثانى عند المسيحيين الأرثوذكس، أنها وضعت البابا شنودة الثالث، الزعيم الروحى والفعلى للأقباط فى مواجهة القضاء المصرى، كما وضعت الإنجيل فى إحدى كفتى العدل والنصوص القانونية فى الكفة الأخرى، الكنيسة رغم أنها أكدت احترامها لحكم القضاء، لكنها جزمت بأنها لن تخالف أوامر الرب من أجله، والمحكمة أيضا أعربت عن احترامها للنصوص المقدسة، ولكنها بررت الحكم بأن القاضى يحكم بما لديه من نصوص القانون، كلا الطرفين إذن لديه الحجة والحق فيما يقوله، ولكن يصبح الخاسر الوحيد هنا هو المواطن المسيحى الذى يبحث عمن يزوجه ثانية دون أن يخالف الدين أو القانون.

وحينما صدر حكم القضاء الإدارى عام 1984 باعتبار المؤسسات الكنسية هيئات عامة، كان إيذانا بغلق الباب أمام فكرة يروجها أعداء الكنيسة بأنها دولة داخل الدولة، ولكن الصيغة التى بدأ بها رفض البابا شنودة لحكم الإدارية العليا وتهديده بشلح أى كاهن ينفذه، هى لهجة تفتح الباب لتأويلها على هذا المبدأ مرة أخرى.

ووصف جمال أسعد المفكر القبطى، هذا الرفض بأنه يعطى انطباعا بالاستقواء الوهمى بين الشعب المسيحى، كما أنه يفتح باب الفتنة بين الطوائف المسيحية المختلفة، نظرا لأن الحل الوحيد أمام من يريد الزواج مرة أخرى أن يغير طائفته من «الأرثوذكس» إلى أى طائفة أخرى، وهو أمر لا يحتاج حكم القضاء، عند هذا الحد ستصبح الكنيسة خسرت الأمرين، علاقتها بالقضاء بعد تحديها لأحكامه، كما ستخسر عددا من أبنائها تباعا فى بحثهم عن الزواج الثانى.

ورغم أن الخلاف فى ظاهره بين النص المقدس والقانون الوضعى، فإن الخلفية تحمل تفاصيل أكثر، فالقضاء يفصل فى هذا الأمر استنادا إلى لائحة الأقباط الموضوعة عام 1938، التى حددت 9 أساب للطلاق، وهى الزنا و(الفرقة 3 سنوات أو الهجر 5 سنوات أو السجن 7 سنوات)، والموت، وتغيير الملة، والمرض المعدى أو المستعصى، والرهبنة وسوء السلوك واستحالة العشرة، والاعتداء الجسيم.

ولكن البابا شنودة الثالث رفض هذه الأسباب بوصفها تخالف تعاليم الإنجيل، وقصرها على الزنا والموت فقط، ومن بعدها بدأ الصدام بين الكنيسة والقضاء حول الزواج الثانى، ولكن الرافضين لرأى البابا فى هذا الأمر يستندون إلى أن اللائحة معتمدة من أساقفة الكنيسة منذ عام 1239 ولم يجرؤ أحد على تغييرها، كما أن تعديل اللائحة لم يعرض على الجهات التشريعية، وهو ما يعطى المحكمة مسوغا للعمل بها دون النظر لاعتبار تعديلها، وهو ما يعنى أيضا أن الطريق بين الكنيسة والقضاء فى هذا الأمر مقطوع، لا هذه تعترف باللائحة القديمة، ولا ذاك يعترف بالمعدلة.

وفى تمسكهم بمبدأ أنه لا قوة أرضية تجبرهم على مخالفة الإنجيل يقع قيادات الكنيسة دون أن يشعروا فى مأزق تأويل النص من جانب واحد، وهو الذى يدفع به راغبو الزواج مرة ثانية حيث يتهمون الكنيسة بتفسير آيات الإنجيل على هواها، لذا حاول عدد من الأقباط الخروج من هذه الإشكالية بقانون موحد للأحوال الشخصية لغير المسلمين يتكون من 134 مادة، ولكنه ظل حبيس الأدراج لأكثر من 30 عاما دون مناقشة رغم أن كلا من ممدوح نخلة ونبيل غبريال المحاميين القبطيين برفع دعوى أمام القضاء فى عام 2007 لإقرار القانون، ولكن لم يتم إقراره، وإن كان أحد لا يستطيع الجزم بأنه فى حالة إقراره سيحل مشكلة الزواج الثانى لأن هذا البند فى القانون لم يتوسع كثيرا ليشمل نفس الأسباب التى أوردتها لائحة 1938.

ليس الزواج الثانى فقط هو الذى يضع الكنيسة والقضاء وجها لوجه فهناك أيضا شلح الكهنة، الذى أيضا سيكون مصير من ينفذ حكم الإدارية العليا بالزواج الثانى، حسبما هدد البابا شنودة، وإذا كان العام 2006 هو الأكثر شلحا بين الكهنة حيث وصل إلى 50 كاهنا وفق ما أعلن مصدر كنسى، ليصل إجمالى المشلوحين إلى 260 راهبا وقسا خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو العدد المرشح للزيادة خلال الأيام القادمة لأن الزواج الثانى أصبح مطلبا لـ40 ألف مسيحى لن يستطيع الكهنة التغاضى عنهم، ويعتبر الشلح هنا هو إغلاق لدائرة الصدام بين الكنيسة والقضاء لأن الأولى تعتبر الشلح من الأسرار الكنسية وترفض الإفصاح عن أسبابه، كما لا توجد لائحة معروفة تحدد مسارات الشلح بخلاف أنه قرار يصدر من المجلس الإكليريكى الذى يرأسه الأنبا بولا أسقف دمياط، وهو الأمر الذى يدفع الكثير من الكهنة المشلوحين للجوء إلى القضاء لإعادتهم إلى كنائسهم، ولكن البابا يرفض ذلك، وهو رفض أفرز التفسير الذى يعتبر الشلح والحرمان، هما السلاح الذى يستخدمه البابا لتصفية معارضيه.

لمعلوماتك...
12 يوماً هى أقل فترة مسموح بها بين الخطوبة والإكليل






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة