وضعت مصر نفسها فى موقف صعب من حيث صعوبة المفاوضات مع دول حوض نهر النيل، ومن حيث سبل الخروج من الأزمة، وذلك بعد أن تركت الأمر يصل إلى حد توقيع أربع دول لاتفاقية إطارية لإعادة تقسيم مياه النيل ونقض اتفاقية 1929.
ولهذا الاتفاق بين الدول الأربع أسبابه ومراحله التى كان يمكن لمصر أن تحبطه لو أن هناك سياسة واضحة للتعامل مع هذا الملف الشائك الذى كان يحتاج إلى جهة أخرى تقوم به غير وزارة الخارجية.
إن تجاهل مصر وعدم اهتمامها بالعمق الإستراتيجى فى القارة الأفريقية ترك المسرح خاليا لتمارس أكثر من قوى تأثيرها على هذه الدول فلم تجد هذه القوى أى صعوبة فى توجيه الدول الأفريقية لمخططاتها، فكان الدور الأمريكى ـ الإسرائيلى لتقوية وتدعيم هذه الدول لتحقق إسرائيل لنفسها مكاسب على المستوى الشخصى وتدفع مصر لمشاكل ممتدة مع دول حوض نهر النيل لتقضى تماما على أى دور مصرى ـ شعبا وحكومة ـ فى القضية الفلسطينية وإظهار العصا لمصر ردا على إثارة مصر لتسليح إسرائيل النووى.
إن ما يحكم العلاقات بين الدول اليوم هو مدى المصالح التى يمكن تحقيقها من هذه العلاقات وليس هناك مكان للمكانة التاريخية والدور الريادى، إن هذه الدول الأفريقية لم تجد فى مصر أى تحقيق للمصالح نظرا لإهمال مصر لهذه العلاقات وتفسير هذا الإهمال بتكبر المصريين على الأفارقة فاتجهت لإسرائيل التى لم تجد فرصة أفضل من هذه الفرصة.
وعلى مصر أن تعى أنها إن لم تتعامل مع هذه الأزمة بإستراتيجية واضحة على كافة المستويات وفى جميع المجالات ستفقد الكثير مما يهدد أمنها.
فعلى الصعيد السياسى يجب على مصر أن تعدل وجهتها فبدلا من الاتجاه بكل طاقاتها إلى الغرب الأوروبى ـ الأمريكى الذى دائما ما يحقق لنفسه من المكاسب أضعاف ما نحققه نحن لأنفسنا أقول لابد من الاتجاه إلى الجنوب الذى أصبح إجباريا مع تكثيف الزيارات الرسمية وفتح مجالات للتعاون الرسمى وتنشيط دور السفارات المصرية فى الدول الأفريقية.
ضرورة تشجيع رؤوس الأموال المصرية للاستثمار فى أفريقيا وخاصة فى مجالات الزراعة والإنتاج الغذائى لتكثيف التواجد المصرى فى هذه الدول.
لابد أن يكون لمصر وسياستها الخارجية دور فى الأحداث الأفريقية وأن تبحث مصر عن مصالحها ومحاولة توجيه هذه الأحداث لما يحقق هذه المصالح، إن تدعيم حركات المعارضة للدول التى تنفذ المخطط الإسرائيلى من شأنه أن يجعل لمصر دورا تخشاه هذه الدول تجعلها تفكر كثيرا قبل أن تتخذ خطوة تهدد مصالح مصر.
كذلك على المستوى الثقافى والإعلامى لابد أن تحظى أفريقيا بالاهتمام اللائق الذى يمد جسورا للتواصل بين هذه الدول وبين مصر.
إن نظرة واحدة لرحلات الشيوخ والدعاة إلى الغرب أو الدول العربية يظهر بوضوح مدى التجاهل الذى تعانيه الدول الأفريقية من هؤلاء الدعاة لذا فعلى الأزهر دور أيضا فى إرسال الشيوخ والدعاة لهذه الدول المتعطشة لنشر الدين بينها، فنشر الدين فى أفريقيا لا يقل أجره عند الله عن نشره فى أوروبا إن لم يكن يزيد.
ولتعلم الحكومة المصرية أن أى تفريط فى قطرة ماء واحدة من حق مصر إنما هو ذنب لن تغفره لهم الأجيال الحالية ولا المقبلة وسنذكر دائما أن ماء المصريين ضاع فى عهد هذه الحكومة.
عبد الرحمن حسين يكتب: الاتجاه إلى الجنوب.. إجبارى
الثلاثاء، 01 يونيو 2010 10:00 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة