يمثل المسلمون فى بريطانيا نحو ثلاثة بالمائة من السكان، وهم مثل غيرهم من المسلمين فى الغرب يعانون، من الإسلامفوبيا، أى الخوف من الإسلام الذى انتشر فى أمريكا وأوروبا عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، مما ترك تأثيرا كبيرا على مفردات الحياة اليومية.
لذلك يتابع الناس المختصون لهذه الظاهرة، أى العداء للعرب والمسلمين فى الغرب، نتائج الانتخابات البرلمانية فى كل بلد أوروبى لمعرفة مدى استمرار انعاكاسات هذه الحالة على المسلمين فى الغرب.
ومنذ 2001 عاش المسلمون فى بريطانيا عمليتين انتخابيتين الأولى عام 2005 أسفرت عن فوز ثلاثة مسلمين فى مجلس العموم البريطانى، والثانية التى جرت الخميس الماضى وشهدت فوز ثمانية نواب مسلمين من بينهم ثلاث نائبات مسلمات فى أول تمثيل نسائى للمسلمات البريطانيات فى البرلمان البريطانى.
والملاحظة المهمة أن الفائزين المسلمين الثمانية ينتمون للأحزاب الثلاثة الكبيرة المحافظين والعمال والديمقراطيين الأحرار، مما يعنى حرصا من الأحزاب المهمة فى بريطانيا على ترشيح المسلمين، ليس باعتبارهم أقلية، وإنما لأن من بينهم ناشطون سياسيون داخل الأحزاب السياسية، ولأن هناك دوائر بعينها بها ثقل من المسلمين الذين يمكنهم ترجيح كفة مرشح مسلم.
الانتخابات البريطانية مثل الانتخابات المصرية فى شىء واحد، هو الاعتماد على الدوائر الصغيرة، حيث يرتبط النائب بعلاقة مع أهالى دائرته، وكلما توثقت تلك العلاقة كلما زادت فرص النائب فى الفوز، سواء كان ينتمى للحزب الحاكم أو إلى المعارضة فالأصل ليس برنامج الحزب، وإنما علاقة النائب وتواجده فى الدائرة.
وليس خافيا على أحد أن مصر حين بدأت تجربتها البرلمانية العريقة، لم تبتكر، وإنما استعانت بالشكل الذى كان سائدا فى بريطانيا، لكن النظام البرلمانى فى بريطانيا ظل يتطور، ويترسخ، ليصبح نموذجا يحتذى به، بينما التجربة البرلمانية المصرية ظلت تتدهور وتتدهور وأصبح تزوير الانتخابات علامة مميزة لها سواء قبل الثورة أو بعدها.
وإذا كانت بريطانيا تعتمد على الدوائر الصغيرة التى يرتبط فيها النائب بأبناء دائرته إلى حد كبير، فإنه بمجرد نجاح النائب يصبح نائبا عن الشعب كله، وليس فقط عن الدائرة التى يمثلها وهى معادلة صعبة جدا تحدد مدى إمكانية تجديد الثقة بالنائب من عدمه.
فالنائب العمالى السابق جورج جالاوى الذى خرج عن حزب العمال وأسس حزب الاعتماد نجح فى الفوز بمقعد نيابى فى انتخابات 2005، لكنه فشل فى الحفاظ على مقعده 2010، لأنه أفرط فى التعاطى مع القضايا العامة، على حساب الاهتمام بالشأن الداخلى للدائرة التى يمثلها، ولم يشفع له أنه غير دائرته الانتخابية التى نجح فيها عام 2005.
ورغم ما تشهده بريطانيا من ديمقراطية فقد أثار حزب الأحرار الديمقراطيين قضية عدم عدالة النظام الانتخابى الفردى، ويسعى لتعديله إلى نظام نسبى فرغم حصوله على أكثر من عشرين بالمئة من أصوات الناخبين لم يحصد سوى 57 مقعدا تمثل حوالى 9% من مقاعد البرلمان، وهو أمر قد يحدد تبنيه من عدمه شكل الحكومة البريطانية القادمة.