اكتفى الكاتب الصحفى صلاح عيسى بقليل من الكلمات فى وصف الكاتب الراحل محمود السعدنى، مشيرا إلى أن اللحظات القليلة التى التقيا فيها ببعضهم البعض لم تمكنه من الإسهاب فى تفاصيل شخصيته والوقوف على نقاط القوة والضعف فيها.
"عندما هاتفنى يطلب منى الكتابة معه، لم أصدق أن الحظ حالفنى وسأعمل أخيرا مع الولد الشقى" بهذه الكلمات وصف "عيسى" شعوره عندما طلب منه الكاتب الراحل محمود السعدنى العمل معه فى جريدة السياسة الكويتية ومجلة 23 يوليو بلندن.
المرات التى جمعت بينهم جعلته يراه بمثابة ملك من ملوك الحكى فى مصر، وهذا فن إضافى يجد عيسى أن السعدنى تميز به عن سائر كتاب جيله، فبالإضافة لكونه كاتبا ساخرا بارعا فهو أيضا حكاء من الدرجة الأولى، حيث لم تخل جلسات السمر مع أصدقائه من التعليق والضحك والتريقة على كل من حوله ولم يك هناك حوار أو نقاش إلا وكان هو محط الأنظار فيه.
يقول عيسى إنه قرأ كل ما كتبه السعدنى منذ أن بدأ الكتابة فى مجلة التحرير عام 1953، ومجلة كلمة ونص، وصباح الخير والجمهورية، ويرى أن له دورا كبيرا فى المشهد الإبداعى الثقافى فلم يكن كاتب ساخر فقط، بل كان أيضا قصاص وروائى وكاتب مسرحى ممتاز، والدليل على ذلك قصصه القصيرة "السماء السوداء" و"جنة رضوان " وروايته الشهيرة "حتى يعود القمر" والتى مازالت راسخة فى أذهان العديد من المثقفين والمبدعين.
وعن أكثر كتب السعدنى التى يعاود عيسى قراءتها من مرة لأخرى، سيرته الذاتية "الولد الشقى" والتى يروى فيها بداية مشواره الصحفى، وكذلك أيضا كتاباه " قهوة كتكوت" و"الطريق إلى زمش" والذى يقص فيه السعدنى اللحظات التى عاشها بين جدران المعتقلات فى فترة الستينات.
وأتفق معه الكاتب يوسف القعيد قائلا إن سيرة السعدنى الذاتية من أروع السير الذاتية الأدبية وأصدقها فهى خالية من المبالغة والتصنع وكُتبت لتعكس صدق تلك الشخصية وتلقائيتها فى الوصف والسرد، مشيرا إلى أنه على الرغم من قيمتها الفنية إلا أنها لم تأخذ حقها فى القراءة والنقد مثل السير الذاتية الأقل منها قيمة وجمالا.
وقال عنه: كان إنسانا جميلا وظريفا وابن نكتة، وأنا حزين جدا، لأن تراثه الشفهى لم يُجمع ولم يهتم به أحد مع أنه كان أهم من كتابته بكثير.
وقال الروائى إبراهيم عبد المجيد إن أكثر شىء تميز به السعدنى، أنه كان بمثابة ضمير للأمة المصرية، فلم يستح يوما أن يعبرعن رأيه بمنتهى الوضوح والشفافية حتى وإن كان هذا الرأى متعارضا مع السلطة.
وأضاف عبد المجيد أن السعدنى نجح من خلال كتابه "مصر من تانى" أن يركز على تاريخ الصعاليك والفئات الشعبية ليثبت أن التاريخ ليس تاريخ الملوك والعظماء فقط، ولكنه تاريخ الفقراء والمهمشين أيضا، وقال "عبد المجيد" إن الحظ لم يحالفه ويلتقى بالسعدنى شخصيا، ولكن تعرف عليه من خلال سيرته "الولد الشقى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة