درست فى صغرى عندما كنت أدرس فى أحد الأقطار العربية قصة تتحدث عن مجموعة من الثيران أبيض وأسود وأحمر، كان يقودهم ذلك الثور الأبيض لما يتمتع به من ذكاء وحكمة وقوة تمكنه من حماية مجموعته من أى خطر يهددهم.
وكان الذئب كثيرًا ما يحاول مهاجمة المجموعة للحصول على صيد ثمين بحجم أحد هذه الثيران، ولكن دائمًا ما كانت محاولاته تبوء بالفشل، بتصدى كامل المجموعة له بقيادة القائد الأبيض، والذى كان يجمع الجميع على رأى واحد مهما بدى بينهم من خلاف.
وكان هذا يؤرق الذئب كثيرًا، لذلك قرر البدء بالوقيعة بين هذه المجموعة المتماسكة، عملا بالمثل القائل فرق تسُد، ولذلك بدأ الذئب بالتقرب من الثور الأسود والأحمر وأخذ يؤنبهم على هذا القائد ويعايرهم بأنه متعال عليهم، وأنه يتمتع بلون أبيض يميزه عنهم حتى بدأ الكره يدب فى قلوبهم.
وما إن تأكد للذئب أن الحقد قد دب فى قلوبهم عرض عليهم المساعدة فى التخلص منه، ووعدهم بالابتعاد عنهم نهائيًا بعد ذلك، فما لبثوا أن أنالوه مراده وتخلوا عن قائدهم لينفرد به الذئب وينال منه، وبذلك أصبح هو البطل المخلص لهذه المجموعة من هذا القائد الظالم.
وبعد أيام.. اقترب الذئب من الثور الأحمر ليهمس فى أذنه قائلا: هذا الثور الأسود لونه قبيح فهو مدعاة لأن يصموك بالعار، أما أنت فلونك هو أقرب إلى لونى منه.. فهل لى أن أُخلصك منه؟!
ابتسم الثور الأحمر لتمثل هذه الابتسامة الضوء الأخضر للذئب بالنيل من الثور الأسود وأنه يُقره فيما يريد.. وبالفعل لقى الثور الأسود مصير أخيه الأبيض.
التفت الذئب إلى الثور الأحمر مكشرًا عن أنيابه وفى ابتسامة خبيثة قائلا: من يمنعنى الآن منك.
صرخ الثور الأحمر: إنما أُكلت يوم أكل الثور الأبيض.
تذكرت هذه القصة فى أيامنا هذه وما يتتابع من أحداث فى أمتنا متسائلا نحن الآن فى أى مرحلة؟!
هل أُكل الثور الأبيض أم مازال على قيد الحياة يتغاضى ويتناسى أخطاء أفراد مجموعته ويتحمل طعناتهم ويعافر ليبقى على قيد الحياة يحمى نفسه ويحميهم؟!
أم هل نحن فى مرحلة الوقيعة بالثور الأبيض وإضعافه والتآمر عليه ووصمه بما ليس فيه متجاهلين ما يتعرض له من أعباء وتحمل للمسئولية هذا بخلاف الأخطار التى تتقاذفه من كل جانب؟!
أم هل اكتسينا بسواد ذلك الثور الأسود، الذى سلك مسلك الأعمى المتحامق، فلا يفكر فى أى خطوة يخطوها ولا يستكشف ما يسير من حوله وكيف تتجه الأمور فهو كما قيل (معاهم معاهم عليهم عليهم).
أم هل نتلون بلون الثور الأحمر الذى أخذته العزة بالإثم وأصبح يرى كل من حوله هم وصمة عار عليه يجب التخلص منهم، دون أدنى تفكير منه فيما يمثله هو شخصيًا من عار عليهم؟!
أم إننا الآن نلقى مصير الثور الأحمر، وهو يسمع مقولة الذئب له.. من يمنعنى الآن منك، وأصبحنا أمة الفرار يحاول كل قطر منا النفاذ بجلده بعد أن باع من حوله بالرخيص (أنا والطوفان من بعدى)؟!
بالفعل لم أستطع أن أجيب على هذه الأسئلة، ولكن ما ثبت لى أن أمتنا بالفعل تتعرض لمثل هذه القصة بحذافيرها.
وختامًا هل عرفتم من هو ذلك الثور الأبيض؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة