افتتح صباح اليوم السبت، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يرافقه كلا من الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف، والدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، والدكتور عبدالله الحسينى رئيس جامعة الأزهر، أعمال الملتقى الخامس للرابطة العالمية لخريجى الأزهر، بعنوان "الأمام أبو الحسن الأشعرى" نحو وسطية إسلامية تواجه الغلو والتطرف، بحضور ما يقرب من 200 شخصية دينية كبرى من جميع أنحاء العالم.
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر، أن الأزهر بما له من تاريخ عريق فى الحفاظ على الإسلام الصحيح والدفاع عنه، يطالب بضرورة نشر الأمن والسلام بين الناس جميعا، ونبذ جميع صور العنف التى تروع الأبرياء والآمنين ورفض ما يقوم به بعض المنتسبين إلى الإسلام من محاولات تفجير الطائرات والسيارات وقتل النفوس البريئة، كما يطالب الأزهر دول أوربا وأمريكا أن تحث صناع القرار فى بلادهم على ضرورة توخى العدل فى سياساتهم وأن يتوقفوا عن سياسة الكيل بمكيالين فى قضايا الأمة العربية والإسلامية، وأن يتحلوا بالجدية والمسئولية والأنصاف وهم يتعاملون مع قضية القضايا فى تاريخنا المعاصر وأعنى بها قضية شعب فلسطين المشرد والمعذب والمظلوم.
وأضاف شيخ الأزهر، أن الأمة الآن ما أحوجها إلى منهج كمنهج الإمام أبو الحسن الأشعرى الذى أنقذ به ثقافة المسلمين وحضارتها قديما مما كان يتربص بها من مذاهب مغلقة تدير ظهرها للعقل وضوابطه، وأخرى تتعبد بالعقل وتحكمه فى كل شاردة وواردة حتى فيما يتجاوز حدوده وأدواته، وثالثة بالعقل وتحكم الهوى والسياسة والمنفعة وتصيغ من كل ذلك عقائد مشوهة تقاتلهم عليها.
وأشار الطيب إلى أن للملتقى رسالة يوجهها إلى الأمة الإسلامية هذه الرسالة تتمثل فى أمرين، أولهما نشر التراث الوسطى وإذاعته بين الناس لتقف به الأمة فى وجه نزعات التكفير والتفسيق والتبديع التى فرقت المسلمين وزرعت بين أبناءها بذورا من الحقد والكراهية خلفت مناخا خانقا يخشى منه على وحدة الأمة وقوتها، وثانيهما احترام التوازن فى الجمع بين العقل والنقل والوقوف فى وجه الخصومة المصطنعة بينهما والتى تسيطر الآن على بعض الأفهام وهذا ما نجده بوضوح فى تراث الإمام الأشعرى وبخاصة فى رسالته المعروفة بالحث على البحث أو استحسان الخوض فى علم الكلام.
وفى لفته ذكر شيخ الأزهر فى بداية كلمته الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الراحل، قائلا، لقد رحل عن عالمنا منذ شهرين مضيا وترك رحيله المفاجئ فراغا كبيرا لم نكن لندرك حجمه وثقله قبل أن يرحل هذا الشيخ الجليل، وإننا إذ نحتسب عند الله تعالى فقيد الأمة الإسلامية كلها فكان رجلا تقيا نير الوجه رقيق القلب صلب الإرادة شجاعا فيما يراه حقا صبورا حمولا للأذى بكاء زاهداً فيما عند الناس متقنا لحفظ القران الكريم يجمعه فى صدره يعلمه ويُعلّمه تفسيرا وأحكاما وقصصا ومحكما ومتشابها، وكان دائما على موعد مع الموت يتوقعه وينتظره فى كل حركاته ونشاطاته، لقى ربه غريبا نائيا عن الأهل والوطن متخففا من الأحمال حتى من حقيبة يده التى تركها فى مكتبه ورحل إلى مدينة الرياض وكأنه كان يحس بدنو الأجل فلم يبق من ضرورات الدنيا إلا ما يستر جسده، وقد لقى ربه فى مدينة الرياض وحمل إلى المدينة المنورة حيث صلى الله عليه وسلم فى المسجد النبوى الشريف ودفن هناك إلى جوار النبى صلى الله عليه وسلم فى البقيع مع الصحابة والتابعين وصالحى المؤمنين والمؤمنات.
وفى كلمته أكد الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف، أن العالم الإسلامى يموج بتيارات كثيرة منها المتطرف والمغالى فى شططه ومنها الجامد المنغلق الرافض للعقل والمعقول، ومنهج الأشعرى هو المنهج الملائم لعلاج هذا الخلل الفكرى حتى نستطيع أن نقضى على هذه التيارات التى أضرت بالإسلام ضرارا بالغا وفرقت أبناءه شيعا وأحزابا فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الاعتصام بحبل الله المتين والالتزام بالمنهج الوسطى المعتدل.
وأشار أن هناك صراعا مستمراً وتناقضا أبديا بين الدين والعقل أو بين الدين والعلم لا ينطبق بحال من الأحوال على الدين الإسلامى فكلاهما –الدين والعقل- يشكلان فى الإسلام وحدة واحدة.
وأضاف أنه من خلال تعاليم الإسلام الصريحة ومن خلال الفهم الصحيح لهذه التعاليم يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الوسطية هب الخط الواضح للإسلام ومن هنا فإن أى تيار فكرى أو اتجاه دينى يلتزم بهذا الخط فإنه يجد القبول من جانب الكثرة الغالبة من المسلمين والأزهر الشريف على مدى تاريخه الطويل قد سار على هذا النهج واهتم اهتماما كبيرا بأعلام الفكر الدينى الذين ساروا فى هذا الطريق.
و أوضح زقزوق أن الاهتمام بشخصية الأشعرى لا يعنى الاهتمام بالأشعرى لذاته وإنما بتراثه الذى لا يزال يغترف أبناء الأزهر منه فى مختلف بقاع الأرض، مشيرا أنه بالرغم من اختلافه مع كثير من الفرق إلا أنه لم يكن يكفر أحداً من أهل القبلة وهذا يدل على سماحة عقلية دينية فى النظر إلى الخصوم وهذا ما نفتقده اليوم فى كثير من الأحيان.
الطريف أن الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف، فى بداية كلمته أخطأ فى الترحيب بالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ذاكر الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق بدلا من الدكتور احمد الطيب ولكن سرعان ما تدارك هذا الخطأ.
ويقول الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، أن الرابطة أحسنت اختيار موضوع الملتقى وهو الإمام أبو الحسن الأشعرى، مشيرا أنه لم يكن فردا ومضى بل كان مدرسة تعبر عن عقيدة الصحابة والسلف الصالح، مما جعله سببا فى وحدة المسلمين، وكان مذهبه مدرسة شاملة جمعت بين العقل والنقل والعقل والروح ومسائل الكلام وعلم الأخلاق.
فى كلماتهم أثناء افتتاح الملتقى..
د. أحمد الطيب: الأزهر يطالب أمريكا وأوربا بضرورة العدل فى سياساتهم وعدم الكيل بمكيالين.. وزقزوق يكشف: العالم الإسلامى يموج بتيارات كثيرة أضرت بالإسلام.. وعلى جمعة يؤكد: الأشعرى سبب فى وحدة المسلمين
السبت، 08 مايو 2010 02:14 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة