◄◄ المنطقة التى شهدت الحادث لم تعرف مثل هذه الأحداث طوال تاريخها ولا تعرف عمليات الثأر
لا تزال أنظار اللبنانيين والمصريين تتجه إلى بلدة كترمايا اللبنانية، حيث وقعت جريمة القتل الخماسية التى أودت بحياة أربعة لبنانيين (المسنين يوسف وكوثر أبومرعى، والطفلين آمنة وزينة الرواس)، والمصرى (محمد سليم مسالم) فى أحداث ومشاهد أقل ما يمكن أن توصف به أنها قمة الهمجية والوحشية البعيدة عن الإنسانية والأعراف الدينية، جعلت من الضحية قاتلا ومن القاتل ضحية. كترمايا التى وقعت فيها الحادثة هى من ضمن قرى إقليم الخروب التابعة لقضاء الشوف محافظة جبل لبنان، وجميع سكانها من المسلمين السنة المنتمين إلى العديد من التنظيمات السياسية، خصوصاً تيار المستقبل التابع لآل الحريرى، والحزب التقدمى الاشتراكى التابع للزعيم الدرزى وليد جنبلاط، بالإضافة إلى بعض الأحزاب اليسارية والدينية بنسب أقل، وهذا ما يخالف بعض الشائعات بأن حزب الله ارتكب أو حرض، وكان وراء جريمة قتل الشاب المصرى على خلفية أحكام خلية حزب الله فى مصر، بل على العكس فأهالى المنطقة وأهالى البلدة بشكل خاص كانوا خط الدفاع الأول ضد امتداد التيار الشيعى المتمثل بحزب الله فى منطقة جبل لبنان.
المنطقة لم تعرف مثل هذه الأحداث طوال تاريخها، ولا تعرف عمليات الثأر، بل على العكس فإن غالبية المشاكل التى ربما قد تحدث بين الشباب والأهالى يتم حصرها فردياً ويتم حلها بين عقلاء وكبار المسنين بطرق ودية، مع الإشارة إلى أن مواطنى بلدة كترمايا يتميزون بقسوتهم عن باقى سكان القرى المحيطة بهم، وظهرت تلك القسوة خصوصاً خلال الاجتياح الإسرائيلى، وفى مواجهة الجيش الإسرائيلى، ومن بعدها خلال الأحداث الطائفية التى تلت الحرب الأهلية.
ولمنطقة إقليم الخروب، حيث تقع كترمايا، خصوصية تميزها عن باقى المناطق اللبنانية، فهى تضم باقة من كل الطوائف اللبنانية، خاصة المسلمين الشيعة والسنة والمسيحيين الكاثوليك. ومن أصل 39 قرية تشكل مجموع قرى إقليم الخروب تشهد ثلاث قرى وجوداً شيعياً بشكل كبير وهى جون والوردانية والجية، وينتشر المسيحيون فى أكثر من عشر بلدات، مع الإشارة إلى وجود أحد أعرق أديرة الشرق وهو دير المخلص للروم الكاثوليك، قرب بلدة جون التى بدورها تضم مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين، ويحيط بإقليم الخروب جنوباً مدينة صيدا، وشرقاً منطقة جزين والقرى الدرزية، وشمالاً بعض القرى الدرزية، وغرباً الخط الساحلى والبحر. ويتواجد فى الإقليم عدد كبير من المصريين ويصل عددهم للمئات، وقد لا تحصر الأرقام الرسمية أعدادهم بدقة إذ إن الكثير منهم يدخل لبنان بطرق غير شرعية للعمل، ويندمج المصريون باجتماعيات الإقليم بشكل كبير وقد لا يتم تمييزهم عن باقى أهالى المنطقة إلا باللهجة المصرية.
فى اتصال هاتفى مع النائب علاء الدين ترو، وهو نائب من لائحة اللقاء الديمقراطى التابعة للزعيم الدرزى وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى، عن منطقة إقليم الخروب حيث وقعت الجريمة، أكد أن الحزب أدان الجريمة الأولى التى أودت بحياة الضحايا اللبنانيين الأربعة، كما أدان قتل المواطن المصرى وشدد على موقف الحزب الرافض بأن يقوم المواطنون بإنزال العقوبات بالجناة بأنفسهم لأتنها تعد على مسئولية الدولة والأجهزة التابعة لها.
واستبعد ترو أن تتأثر العلاقات المصرية اللبنانية بما جرى لأن العلاقات بين الدول لا تحكمها التصرفات الفردية، فالجريمة التى قام بها المواطن المصرى فردية، وجريمة قتله وعلى رغم مشاركة العديدين بها إلا أنها تعتبر فردية هى الأخرى.
وقال ترو لـ"اليوم السابع" لن تقوم القوى الأمنية التابعة لوزارة الداخلية والجيش بأى توقيفات فى الأيام الحالية لتزامن الحادثة مع الانتخابات البلدية منعا لوقوع اضطرابات أخطر من التى حصلت، خصوصا وأن حالة من الشد العصبى الكبير تجتاح المنطقة بسببها وبسبب التجاذبات بين القوى السياسية والعائلات، وأكد أن التحقيقات من قبل الأجهزة المختصة متواصلة، وتم التعرف على العديد من الذين شاركوا بتعذيب وقتل الشاب المصرى المتهم بجريمة القتل، وذلك من خلال الصور وأفلام الفيديو التى انتشرت فى الصحف والمواقع الإلكترونية والمنتديات، وأكد أن لا خوف على المصريين على باقى المصريين فى المنطقة من أى رد فعل، لأن ما حصل حصل ضد شخص معين من دون ارتباط بجنسية معينة أو دين.