منذ عامين استباح حزب الله الأراضى اللبنانية وضرب بعرض الحائط كل الأعراف والخطوط الحمر، وحاول فرض سيطرته السياسية والعسكرية خارج مناطق نفوذه الأساسية غير آبه بالدولة والحكومة والشعب والأرض والعرض، ففى السابع من آيار( مايو)، وعلى خلفية أزمة من الأزمات السياسية اللبنانية المعتادة خرجت فرق حزب الله العسكرية ومن يعاونهم من الأحزاب الأخرى كحركة أمل والحزب القومى السورى الاجتماعى لتجتاح مدينة بيروت وبعض مناطق الجبل والشمال بما بدأ كمحاولة انقلاب عسكرى جدى، مع غياب ملحوظ وقتها للقوات الأمنية الرسمية التى فضلت عدم التدخل، خوفا من شبح الانقسام الذى عانته خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
إن التذكير بما حصل ضرورى جدا، خصوصا وأن قضية سلاح حزب الله لم تحل لليوم، فى ظل تزايد المخاوف الشعبية من تكرار الأمر فى أى لحظة، وهو الأمر الذى دفع العديد من المناطق إلى إعادة منطق الحماية الذاتية فعاد السلاح لينتشر ضمن تشكيلات حزبية مناطقية منظمة شبيهة بتلك التى كانت موجودة بعيد عام 1976، مع الإشارة إلى أن ما رافق الأحداث التى استمرت أياما بعد السابع من أيار لم تمح آثاره مع سقوط حوالى 70 قتيلا وعددا كبيرا من الجرحى وتدمير وحرق كبيرين للممتلكات.
نجح حزب الله بهجومه على بيروت فى القضاء على التواجد العسكرى المحدود جدا لتيار المستقبل بزعامة الشيخ سعد الحريرى، لكنه اصطدم بمقاومة قوية فى منطقة الجبل الخاضعة لنفوذ الزعيم الدرزى وليد جنبلاط والذى هدد باستعمال ما لديه من أسلحة متوسطة وثقيلة عوضا عن الاكتفاء بالدفاع عن النفس، وهو الأمر الذى لجم كباح مجموعات حزب الله التى ظنت أنها ستستطيع احتلال الجبل مثلما احتلت شوارع بيروت، أما شمال لبنان فقد شهد وقتها معارك شرسة بين الحزب القومى السورى الاجتماعى والمجموعات المناهضة لسوريا، وقد رافق الأحداث عمليات قتل همجية وبشعة وقنص للمدنيين العزل، وهو الأمر الذى شبهه الكثيرون بمجزرة ينفذها حزب الله ضد المدنيين العزل من الطائفة السنية دون غيرهم.
لا يزال الحال كما هو، بل على العكس ازداد خطورة، خصوصا فى الفترة الماضية مع التقارير التى أشارت إلى تزويد حزب الله بصواريخ متطورة، وحتى الآن لا يزال سلاح حزب الله من المحاذير التى يتم القفز فوقها ضمن جلسات الحوار الوطنى التى أفرزها اتفاق الدوحة، وتحولت المناطق اللبنانية إلى كانتونات أمنية لمواجهة أى مغامرة جديدة من حزب الله، وعلى رغم المصالحة التى تمت منذ ذلك الوقت بين جنبلاط والحريرى من جهة وسوريا من جهة أخرى، إلا أن المخاطر لا تزال موجودة وبعيدة عن التحالفات الإقليمية لتتحول داخلية 100% منذرة بانفجار كبير عند أى اهتزاز أمنى.
كما أن ارتباط حزب الله بالأجندات الخارجية جعل منه أداة لتحوير وتحويل الكثير من الأدبيات السياسية فى لبنان، فمنذ انتشاره على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لم تجر أى عملية عسكرية ضد إسرائيل، بل على العكس فعناصره الموجودة على الحدود تقوم بمراقبة وحماية الحدود ضد أى اختراق باستثناء عمليات التهريب التى تتم تحت إشرافه وقيادته.
قبل أن يتوسع ويمتد خارج الحدود اللبنانية ويصبح من الصعب العودة إلى الوراء فإن تحويل حزب الله إلى حزب سياسى خالص بات ضرورة تفرضها الوقائع السابقة والتوقعات المستقبلية، وحتى لا تتكررمجزرة السابع من مايو ويصبح من الصعب احتوائها، كما تم احتواء السابقة...
• كاتب لبنانى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة