قال لى صديقى أمس إنه سعيد جدا باقتراب انتخابات مجلسى الشعب والشورى، لأن الحكومة سترفع يدها عن الحشيش، وتجعله يعود إلى الأسواق مرة أخرى، حتى لا يقل مزاج الناس فى موسم الانتخابات!
وقالت صحيفة التايمز البريطانية أول أمس إن ملايين المصريين هم المستهلكون الأكثر حماسة للحشيش فى العالم، لكنهم يعانون نقصا لم يسبق له مثيل، وأضافت: بالنسبة لدولة يعتبر فيها تدخين الحشيش ممارسة متأصلة فى الثقافة فإن نقصه يعتبر صدمة..وأشارت الصحيفة إلى أن فترة حكم الرئيس السادات تعتبر العصر الذهبى للحشيش فى مصر.
وخلال فترة حكم السادات وما بعده بقليل كانت منطقة الباطنية فى حى الجمالية، هى أشهر وأهم مناطق تجارة الحشيش فى مصر، وكان الناس يقفون طوابير لشراء قطعة الحشيش بينما الشرطة تحاصرها من الخارج، لكنها لا تستطيع اقتحامها، حتى دخلتها ووضعت شرطى فى كل حارة وعلى رأس كل ناصية، فانتهى عصر الباطنية.
لكن مجد الحشيش لم يتوقف وانتقل من الباطنية إلى الجيارة فى مصر القديمة، وإلى بلبيس فى الشرقية، وإلى قرى فى القليوبية، وظلت الحدود الشرقية فى سيناء هى المعبر الرئيسى لتهريب الحشيش إلى مصر، لكن هذا لم يمنع من تهريب الحشيش المغربى الذى يعتبر الأجود والأغلى سعرا.
وفى أبو الريش بالسيدة زينب كان تاجر مخدرات يبيع مخدراته من منزله فى الدور الثالث عبر سبت يتدلى بحبل، يضع المشترى فيه النقود، فيسحبه البائع ثم يضع الحشيش ويتدلى السبت ليأخذه الزبون، ولم يكن من الممكن ضبط هذا التاجر الشاطر فى حالة تلبس لأنه بمنتهى البساطة سيترك الجبل من يده ليقع السبت فى الشارع!
ومهما ضيقت الدولة على تهريب الحشيش وتجارته، فإن التجار والمهربين يبتكرون طرقا جديدة، لتظل الحرب على المخدرات مشتعلة فى مصر، يندر الحشيش أحيانا، وينتشر فى أحيان أخرى، ويرتفع سعره أحيانا، وينخفض فى أحيان أخرى، وتختلف أنواعه من بين الحشيش الفاخر والشعبى.
لكن القضية المهمة ليست فقط فى منع تهريب الحشيش والقبض على تجاره وموزعيه فى كل المدن والمحافظات والقرى، وإنما فى الإجابة على سؤال لم يجب عنه المسئولون طوال الوقت: لماذا يدمن المصريون الحشيش، بحيث يصبح عند بعضهم لا يقل أهمية عن الطعام والشراب والهواء؟!
المصريون والحشيش علاقة قديمة جدا تحتاج إلى فض تفاصيلها الدقيقة حتى تصبح الحرب على الحشيش ناجحة، وإلا تتحول إلى مجرد هوجة سرعان ما تنتهى ويعود الحشيش ويعود الناس إليه.. مساااء الخير!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة