د نيفين شكرى تكتب: ما أشبه اليوم بالبارحة!

الخميس، 06 مايو 2010 11:00 ص
د نيفين شكرى تكتب: ما أشبه اليوم بالبارحة!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الثمانينات من القرن الماضى ومع تولى الرئيس مبارك للحكم بعد اغتيال السادات على يد الإخوان عملاء إيران كثرت المظاهرات فى الشوارع أيضا، وطبعا شباب هذه الأيام لم يعاصر تلك الفترة، ويعتقد أن المظاهرات شىء جديد أو له سبب حقيقى أو أنه مستجد أو مرتبط فعلا بالمبررات والحجج الواهية التى لا يتوقفون عن اختراعها الواحدة تلو الأخرى بينما هم يسعون لهدف واحد ويستنفدون كل الطرق فى سبيل الوصول إليه، ولن يتوقفوا أبدا وقد يقول البعض: وهل كانت هناك مظاهرات منذ بداية عصر مبارك؟ لماذا؟ ألم يكن نائبا لرئيس السادات اختاره بنفسه؟ ووافق عليه الشعب؟ فأقول لهم نعم إنهم حاليا يتحججون أن السبب هو أن الرئيس حكم مصر من 29 عاما أو أنه حكم لأكثر من فترة، بينما اعتراضهم عليه كان منذ الفترة الأولى من توليه الحكم، لأن حكمه مدنيا وليس خلافيا حسبما يريدون واعترضوا من قبله على السادات فاغتالوه، وهو يحتفل بالنصر قائدا مظفرا حقق النصر فى الحرب وفى التفاوض، لكنه أغضب إيران، لأنه لم يف بوعده ولم يتركهم يحققون الإمارة التى وعد الخومينى فى 1979 بقيامها، ولأنه استضاف فى مصر الشاه الإيرانى المخلوع!

إذن هذا أبلغ رد على من يقولون إن المهيجين للشعب حاليا حجتهم هى أن الرئيس حكم مصر أكثر من فترة أو 30 عاما، لأنه فى ذلك الوقت أيضا كانت كل الدول العربية أما ممالك أو رؤسائها يحكمون إلى نهاية العمر، ولكن ماذا كانوا يقولون فى مظاهراتهم؟ كانوا يقولون ما لا يجرؤون على قوله اليوم علانية بعدما فضحهم الإعلام وفضح نواياهم وأكاذيبهم فكانوا فى الثمانينات يتظاهرون ليس لأجل الغلاء أو الطعام، رغم أنه كانت هناك مشاكل فى كل شىء حتى الحصول على الصابون كان نادرا ومن الجمعيات وعن طريق وسطاء، لكنهم كانوا يهتفون: الإسلام هو الحل إشارة لهم إلى أنهم يريدون قلب الحكم إلى حكم دينى خاضع لإيران ووقتها كان الأمن فى مصر على المحك، وكانت الفتن الطائفية مشتعلة وتوشك بإعلان حرب أهلية دينية فكان التعامل الأمنى وقتها بالقبض عليهم ثم أفرج عنهم الرئيس وبدأ حواراته معهم وأرسل لهم مثقفين ورجال دين ليحاوروهم، لكن لا حياة لمن تنادى ثم ظهرت ظاهرة الإرهاب أى التفجير وإطلاق الرصاص واستهداف السائحين بهدف قلب الحكم فى مصر أيضا، وكانت أى مشكلة تحدث من إسرائيل ضد الفلسطينيين يطلعون ويهتفون ضد الرئيس مبارك ويطالبونه بالتنحى، ثم فى التسعينات وقت حرب الكويت طالبوه بالوقوف مع العراق بحجة أن صدام سيصبح الناصر صلاح الدين، ثم مع حرب العراق طالبوه بالوقوف مع العراق ومحاربة أمريكا!

ومع بداية الألفية الثالثة بدأ الرئيس مبارك يسمح بالحرية ويتحاور مع كل أبناء بلده ويسمح للمعارضة بالتعبير فسمح بالأحزاب المعارضة وسمح للإخوان بالمشاركة فى البرلمان فى ذكاء سياسى منه ليعرف نواياهم فى النور بدلا من الظلمة وسمح بالصحف والمواقع والفضائيات، لكن لأن الموضوع أكبر من مجرد حفنة من المعارضة، ولأنه ليس داخليا فحسب وليس له مبرر حقيقى مما يسوقونه، فهم استمروا فى الهتاف ضده، ولكن مع تغيير الأسباب فقالوا إنه يجب أن يلغى معاهدة السلام وتظاهروا، لأنه يجب أن يحارب إسرائيل مع حزب الله ثم نفس الشىء فى موضوع المعبر ثم الجدار ثم القوافل ثم أدركوا أن الناس صارت لا تثق فيهم فبدءوا يغيرون الإستراتيجية على حس الوسائل الإعلامية الجديدة التى استحدثت وعلى رأسها قناة الجزيرة والإنترنت، وعندما فشلت الدعاية المباشرة على أساس إقامة دولة دينية، كما حصل فى السودان عبر انقلاب وفى فلسطين بانقلاب حماس على غزة، ومثل إمارة حسن نصر الله فى جنوب لبنان تحت ذريعة مقاومة الاحتلال، بينما رفعوا سلاحهم ضد أبناء بلدهم فصارت الخطة هى الالتصاق بالمشكلات العادية للمواطنين، ومحاولة التخفى وراء مصلحة الوطن للوصول إلى الغرض ذاته مع التركيز على تشويه صورة الحكومة عبر كافة الوسائل الإعلامية.

وعلى الرغم من أن المشاكل الاقتصادية والتعليم وغيرها كانت أسوأ عشرات المرات فى الثمانينات والتسعينات، وعلى الرغم من أن كل شىء فى مصر تحسن إلا أنهم استغلوا الحرية والانفتاح الإعلامى للتسلق عبر هذه المشاكل التى لم يتظاهروا لأجلها خلال 30 عاما إلا بعدما قرروا تغيير الخطة، وصارت الخطة التشكيك فى أداء الحكومة واللعب على الديمقراطية والمطالبة بعدم تجديد فترات الرئاسة، أى أن المطالب تختلف وتتنوع لكن الهدف واحد ومن ورائه هم نفس الجهات، ولذلك فلا عجب أن من ينادون بتغيير الحكومة هم أنفسهم تتوافق مطالبهم مع مطالب حزب الله وحماس وإيران وقطر ضد مصر وصاروا يلتصقون بأحزاب أخرى معارضة، على اعتبار أن أى خلق لجو متوتر وفوضى وشغب وأى إثارة لأى فئة من الشعب ليتظاهروا لأجل المرتبات أو الحقوق الاقتصادية وغيرها يصب فى مصلحتهم ويعطى انطباعا خادعا أن الحكومة فاشلة، ويصب فى مصلحة الجماعات المعارضة وصار التظاهر لأجل المعبر والجدار والقوافل وكل الأشياء المعروفة هو من صميم عملهم والالتصاق بأشخاص مطالبهم غير دينية لأجل إعطاء انطباع خادع أنهم إغراضهم لأجل الوطن وليست لأجل الخلافة أو لأجل مموليهم فى الخارج فما أشبه اليوم بالبارحة!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة