مدحت حسن

تأميم السينما

الخميس، 06 مايو 2010 08:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طالب الصديق العزيز أحمد المسلمانى فى مقال له منذ أيام قليلة فى جريدة المصرى اليوم بتأميم صناعة السينما المصرية، حرصا على مستقبل السينما من الانهيار الثقافى والفكرى بسبب سيطرة عدد من المنتجين والموزعين الذين لا يهمهم سوى تحقيق الأرباح ولا يعنيهم مستقبل السينما، وفى رأيى أن هذه الدعوة قد تكون مفيدة ومهمة على أن يتم تنفيذها بشكل جزئى وليس بصورة شاملة، فقد تعرضت السينما المصرية فى حقبة الستينات للتأميم شأن باقى قطاعات الدولة وكان كل ما يخص السينما يتبع المؤسسة العامة للسينما، وكان من حسن حظ مصر وقتها أن يتولى ثروت عكاشة وزارة الثقافة، وكان يدرك القيمة الحقيقية والتأثير الفعال للسينما المصرية فى العالم العربى، فخلق مناخا عاما مشجعا لصناعة السينما، وقد تولى مسئولية المؤسسة عدد من صناع تاريخ السينما، ومنهم على سبيل المثال الأديب الكبير نجيب محفوظ والفنان القدير صلاح ذو الفقار، وقد أفرزت التجربه عددا من أبرز وأهم الأفلام المصرية عبر تاريخها، وتعد هى درة التاريخ السينمائى التى نفتخر بها عبر تاريخنا الثقافى، ولكن الآن وبعد أن تغير الزمن والتوجه السياسى والاقتصادى تغيرت الأولويات الثقافية للأسف وأصبحت السينما فى عهد فاروق حسنى خارج إطار اهتمام الدولة، ولم يعد يعنى أحد تأثير السينما والثقافة المصرية فى العالم العربى، وهو ما جعل الإنتاج السينمائى يتراجع بشدة على مستوى الكيف باستثناء العام الماضى، وأصبحت السينما المصرية فى منحنى خطير جدا يحتاج لتكاتف عناصر كثيرة، يجب على الدولة أن تكون اللاعب الرئيسى فيه وتتحمل مسئوليتها فى تقديم دعم حقيقى ومستمر للتجارب السينمائية الجادة التى يمكن أن تساهم فى تطوير الذوق العام للجمهور، ولا تترك الساحة للمتاجرين بقيمة وتاريخ هذا الوطن يعبثون به ويفسدون ذوقه ويدمرون فنانيه بفرض تجارب فنية تهدر مواهبهم، وتحصر كل أهدافهم فى جمع أكبر قدر ممكن المال، واللهث وراء البحث عن أكذوبة تصدر شباك التذاكر.
فى صيف العام الماضى كنا نجلس فى مساء أحد الليالى ببهو فندق بالرباط خلال نشاطات مهرجان الرباط السينمائى الفنان الكبير محمود عبد العزيز، والمخرجان خالد يوسف وأحمد عاطف وكاتب هذه السطور ودار نقاش حول السينما المصرية وما يحدث لها، وفاجأنا محمود عبد العزيز بتعليقه على فنانى الجيل الحالى عندما قال "دول أيامهم صعبة وهما معذورين"، وكان طبيعيا أن نسأله بدهشة، لماذا؟، فقال: "لأن المعايير والمقاييس أصبحت تضع الفلوس قبل الفن، وأصبح النجوم حاليا مجرد أدوات لجمع أكبر قدر من الأموال للمنتجين والموزعين، وأنه وأبناء جيله كان المعيار الأساسى بالنسبة لهم هو ماذا سيقدمون، وليس كم سيربحون، وكان يوجد منجين وموزعين يحبون السينما فعلا".
وأعتقد أن هذا هو جوهر المشكلة أيهما أهم تحقيق أكبر قدر من الأموال أم تقديم سينما تبقى وتعيش وتؤثر وتحفظ لمصر جزءا من نفوذها الثقافى فى العالم العربى.
• كاتب صحفى بالأهرام.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة