النيل خط أحمر وأمن قومى لمصر وهو مسألة حياة أو موت .... عبارات رنانة هى كل عتاد النظام المصرى فى التعامل مع الأزمة.. بهذه التصريحات العنترية التى نسمعها صباح مساء والتى يقابلها الطرف الآخر باللامبالاة التى تنطوى على كل معان السخرية والاستخفاف ترسم الأزمة ملامحها وحدودها فيما يبدو أن النظام المصرى أضحى يحارب طواحين الهواء، وأن دول المنبع أدركت طريقها وتعلم يقيناً ما تنوى أن تفعله دونما أن تعير تصريحات الجانب المصرى ثمة اهتمام.
نحن نلقى بكامل التبعة والمسئولية على النظام المصرى الذى ولى وجهه عن أفريقيا وانغمس لخمس عقود خلت بعيدا كل البعد عن القضايا الأفريقية وهموم القارة السمراء فيما سمح لقوى أجنبية عن القارة التدخل وبث سمومها فى أوصال القارة .
لقد أثبت التاريخ أن محمد على والى مصر الذى تولى زمامها فى العام 1805 كان رجلا ذا عبقرية منقطعة النظير حينما أدرك أن النيل مصدر الحياة وشريانها فى مصر، فوجه حملاته فى أدغال أفريقيا لاكتشاف منابع النهر الخالد وتأمين حدود مصر الجنوبية وإمتدت أطراف الإمبراطورية المصرية فى عهدة حتى وصلت أوغندا، وقد فات ذلك على النظام المصرى الحالى الذى وجد نفسه محصوراً – فى أزمة النيل – بين شقى الرحى فإلى جانب الحراك السياسى والسخط الشعبى والغليان الذى يعترى كافة طوائف الشعب جاءت أزمة النيل لتكون القشة التى قد تقصم ظهر النظام.
قد لا أكون مغرقاً فى التشاؤم وقد يشاطرنى البعض حين ادعى أن أزمة النهر الخالد هى أكبر محنة يواجهها النظام فى مصر وأن هذه الأزمة لن يكتب لها الحل فى ظل وجود هذا النظام والذى بدد الحقوق المصرية المكتسبة فى النهر الخالد على مدار 7000عام، والتى تم تقنينها فى العام 1929 بموجب اتفاقية دولية.....ولتكن نقطة سوداء تضاف إلى نظائرها فى سجل النظام ....ولاعزاء لمصر ولا لنهرها الخالد الذى وهبها الحياة.
