أولاً وقبل أن تأخذنا العزة بالإثم: أنا لا أدافع عن الشاب المصرىــ إذا ثبت فعلاًــ أنه هو قاتل الأفراد الأربعة كما قرأنا فى الصحف، لكننى أدافع عن آدمية القصاص من أى قاتل أو مذنب أو متهم.
فالجسد البشرى له حرمة و قدسية، ولو لم يكن كذلك، فلما أرسل الله غراباً كى يوضح لـ"قابيل" كيف يمكنه أن يدفن جثة أخيه هابيل ؟!
لقد أصابتنى الدهشة عندما سمعت بعض الدبلوماسيين المصريين وهم يتحدثون عن الحادثة مكتفين بالقول: إن التمثيل بالجثة شئ فظيع، لكن إزهاق الأرواح شئ أفظع، نعم صحيح ما يقولونه، لكن التمثيل لم يكن بجثة الشاب، فبعض الروايات تؤكد أنه كان على قيد الحياة ولم يفارقها إلا عندما وصل المستشفى ودخل عليه أهل القرية الثائرون وقتلوه، أو بمعنى أصح: أتموا قتله!
صراحةَ لم أكن أتوقع أى تحرك من الخارجية المصرية، وذلك معتمداً على أحداث أخرى سابقة كانت دائما ما تتعامل الخارجية فيها على أنها أحداث فردية، أو أحداث تخص الشأن الداخلى للدول التى تحدث فيها. وفى الواقع كنت دائما أستنكر هذا السلوك الدبلوماسى الغريب، الذى يظهر المصريين فى الحارج وكأنهم لا ينتمون إلى الدولة المصرية، أو أن الخارجية المصرية لا يخصها شئونهم. وبخصوص تلك الواقعة التى حدثت فى قرية (كترمايا) بلبنان، تقدمت الخارجية ببيان تستنكر فيه الحادثة (كالعادة، ومثلما يحدث غالباً)، لكن فى هذه المرة تمادى البيان ليطالب السلطات اللبنانية بمساءلة المقصرين فى ذلك، وربما قد طلبواــ على إستحياءــ معاقبة المقصرين والمتهاونين فى أداء عملهم ليحدث ما قد حدث.
لكن بعيداً عن الخارجية المصرية، والشرطة اللبنانية، ومقتل الشاب المصرى، أرى سلوكاً عدوانيا غريبا قد نمى داخل نفوس البشر فتحولوا إلى ذئاب غادرة، تعشق لون الدماء، يزيد اللون الأحمر من شهوتها، ويستثيرها شكل الجراح، نماذج من البشر فقدت صفة الإنسانية وأصبح يطربها صوت الآهات والأنات نتيجة الألم.. لا أحد يبالى.. لا أحد يساعد.. وربما لا أحد لديه قلب ينبض!
يا لدناءة النفس البشرية التى تنتقم وتمثل بالجسد! تسحله بالسيارات.. تعلقه فى أعمدة الكهرباء.. وتتعالى أصوات الذئاب وكأنها فازت فى معركة الغابة بعد أن قتلت أسداً، ورغم بشاعة الصور التى رأينها ومؤكد أنك رأيتها أيضا، إلا أننى أتعجب من بعض الأشياء وأتسأل: لماذا كانت النشوة والابتسامة تظهر على وجوه بعضهم رغم أن جسداً بشريا معلقاً على عمود كهرباء عالٍ وتنزف الدماء منه؟ بل لماذا كانت تتعالى الأيدى وهى تحمل كاميرات الموبايلات كى تلتقط الصور له؟
أليس غريباً أن يمتلك الذئاب كاميرات؟! والأغرب أن يمتلكوا سيارات ملاكى لسحل الجثث تحتها، وأعمدة كهربا للتمثيل بالجثث عليها؟، فى الواقع: هذا ليس غريبا، فالأغرب هو اختفاء الشرطة دون سبب معلوم وواضح!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة