محمد حمدى

رحيل زعيم الساخرين

الأربعاء، 05 مايو 2010 12:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد انقطاع تام عن الحياة بسبب المرض، رحل أمس زعيم الكتابة الساخرة الكاتب الصحفى الكبير محمود السعدنى عن عالمنا، بعد أن ترك تراثاً مكتوباً غير مسبوق، واستطاع بقلمه الرشيق والساخر، والحاد، والجاد، أن ينتزع الابتسامة من ملايين البشر، الذين كان السعدنى ينتزع منهم ضحكة من القلب تساعدهم على تحمل مشقات الحياة الدائمة.

قضيت مع الراحل الكبير أياماً وأياماً، وساعاتٍٍ وساعاتٍ، وحين تبنى فى بداية التسعينات مشروع بناء نادى نهرى للصحفيين فى الجيزة، أتيح لى وللكثيرين من شباب الصحفيين وقتها رؤية عم محمود السعدنى فى النادى الذى كان يعتبره بمثابة ابنه الذى لم يلده.

وعلى نيل الجيزة التى كان يعشقها ويحبها ويعرف حواريها وأزقتها، كنا نجلس بالساعات أمام عم محمود ننهل من تجربته العريضة فى الحياة، وذكرياته وحكاياته مع الزعماء العرب، ومن تجربته فى سجن الواحات التى كتب عنها كتاباً رائعاً هو الطريق إلى زمش.

ولا أنسى أثناء انتخابات نقابة الصحفيين عام 1995 أنه عقد لقاءً مع صحفيى صحف المعارضة فى النادى النهرى، وبدأنا نشكو حالنا الذى لا يسر عدو ولا حبيب، فسكت عم محمود السعدنى وقال لنا: أنا اكتشفت حالاً أنى كنت هندى ولا أعرف الكثير مما تعانونه!

كتب محمود السعدنى فى روزاليوسف وصباح الخير والمصور وأخبار اليوم، وعمل فى صحف عربية عدة، وتنقل بين لندن وبغداد وطرابلس والقاهرة، فى كل بلد كان له مريدوه الذين يجلسون إليه بالساعات ويتحلقون حوله، لعلهم ينهلون بعضاً من ذكرياته وعلاقاته التى يصفها دائماً بأسلوب ساخر لا يضاهيه فيه أحد، لكن محمود السعدنى كان يتمتع بميزة لا تتوافر للكثيريين، وهى أنه يكتب كما يتكلم وتلك عبقرية لا يستطيعها الكثيرون من العاملين بمهنة الكتابة.

وقبل سنوات هاجم المرض عم محمود السعدنى، فلم يعد يخرج من بيته فى الهرم، ولم يعد يكتب، وبالتالى اختفت تقريباً الكتابة الساخرة، ورغم أن كثيرين يحاولون تقليد محمود السعدنى فى طريقة كتابته، لكن أحداً من المقلدين لم يصل إلى خفة دمه وسخريته الممتعة، دون إسفاف وهى معادلة صعبة جداً هذه الأيام.

رحم الله محمود السعدنى بقدر ما رسم من ابتسامات على وجوه الناس، وأزال عنهم الغم والهم والكرب.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة