زمان.. أيام الأبيض والأسود.. كان الحكم فى الملعب لا يستطيع أن يرتدى فانلة فوشيا، أو حتى أورانج، وكان مقياس الرجولة يحدده طول السالف، ومعيار الجاذبية الجنسية مدى "رُفع" الحاجب، لم يكن "التاتو" على ذراع الرجل يمكن تأويله بطريقة سيئة، بل كان وشماً يباهى به "المعجبانى" من الصعايدة والفلاحين أقرانه الشباب من خلال دق صورة أبوزيد الهلالى أو ذلك الأسد الخالد الذى يحمل سيفاُ! وقتها كانت مهنة "صبى العالمة" تقوم بدور الملاذ الآمن للشواذ بدلاً من جميعات حقوق الإنسان وجماعات الضغط فى أوروبا وأمريكا.
فى ذلك الزمن الذهبى النبيل، كنا بلد شهادات صحيح لكن ولأننا شعب نيته سليمة وإذا ضربنا أحدهم على خدنا الأيمن، أدرنا له خدنا الأيسر، وحين فاز "أوباما" فى الانتخابات الأمريكية فرحنا من قلوبنا لأن الرئيس الأسود ينفع فى البيت الأبيض.. لأننا كل ذلك، تطورنا من الحاجة الساقعة إلى "فيروز" وتحولنا من بلد شهادات إلى بلد فياجرا.. ولا عجب، فمصر– والحمد لله– بتتطور بينا.. ولو هتحسبها صح، هتعرف أن المصرى عبقرى وعنده دائماً البديل المحلىّ.
المغرضون والمحرضون والمهيجون ومثيرو الشغب يقولون إننا شعب مهووس بالجنس ولا يفكر إلا بنصفه الأسفل! وهذا محض افتراء وكذب، فقد تقلصت الساحات الرياضية وانقرضت الملاعب فى المدارس الحكومية، ولم يعد أمام الشعب سوى السرير ليمارس "رياضته" الوحيدة كما أن إسرائيل تستعين بالبنتاجون، ونحن نستعين بزيادة النسل، والعالم الثالث فى القاع بينما الفراش يمنحنا الفرصة الوحيدة لبلوغ "الذروة" والأسلحة صدئة فى مخازن الجيوش العربية، فى حين أن لدينا فرصة حقيقة لـ "قذف" الملاءات والشراشف!
هذا وفى سياق متصل، وجد الشعب الطيب أن الفياجرا– الأصلية– مرتفعة السعر، خطرة على القلب، ما أسهل أن تؤدى إلى الذبحة فصنع من الفول والطعمية والباذنجان والثوم سندوتش "حبك نار" ودخلت محلات الأسماك الرخيصة على الخط، وعرفت النساء ما فى الجرجير فزرعته تحت السرير، وألقى القبض على بائع هريسة متجول يعلق لافتة ورقية على عربته مكتوب عليها: "شكوت لأخى جبريل ضعفى فى الجماع فوصف لى الهريسة" وغيرها من عشرات الوصفات والأشكال من الفياجرا الشعبية، المضمونة، والمجربة، أما إذا سمعت أن لعنة النوم فى العسل لا تزال تطاردنا، وأن أكثر من نصف شبابنا مثل الصياد البائس فى فيلم "الساحر" الذى نعتته زوجته بأنه "صميم" فاعلم– يرحمك الله– أن المغرضين والمحرضين والمهيجين ومثيرى الشعب– قاتلهم الله– عادوا لممارسة هوايتهم فى بث الأكاذيب وتشويه جهود التنمية وطمس إنجازات الحكومة الإلكترونية.. وتلك على أية حال قصة أخرى.
• كاتب صحفى بالأهرام
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة