جمال محمود

مصر البيتوتية

الإثنين، 03 مايو 2010 07:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استبعد أن تستطيع مصر بوضعها الحالى حل أى من المشاكل التى تواجهها على الصعيدين الداخلى أو الخارجى، والأهم حاليا مشكلتنا مع دول منابع النيل السبع، لأننا ببساطة شديدة من صنعها بانسحابنا من قارة إفريقيا مجالنا الحيوى بسبب انعدام الإرادة التى تميز الدول الفاعلة عن غيرها، هذا الانعدام الذى أصبح لافتا فى السياسة الخارجية المصرية طوال الأعوام الثلاثين الماضية، حينما تحولت مصر إلى دولة "بيتوتية " تكمل عشاءها نوما، ولم نرها تنزل إلى مقهى يوما من الأيام لتقابل الناس وتعرف ماذا يدور حولها، فالدول مثل الأفراد فى تصرفاتهم، إذ منهم من لا يتوقف دقيقة عن الحركة والانتقال من مكان إلى أخر، ويسهر ساعات الليل ليرّبط مصالح مع هذا أو ذاك، ويجمع " معارف " بالمئات، ومنهم من يذهب إلى البيت ليضع وجهه فى وجه أم العيال، لا يعرف أحد ا ولا يعرفه أحد فى مماته أو حياته.

لا ندرى سبب هذا السبات العبقرى الذى ارتكنت إليه أجهزة الدولة فى هذه البيتوتية، خصوصا الجهات المنوط بها العلاقات الخارجية، فهل البيروقراطية التى اشتهرت بها مصر هى السبب، حين ينتظر المرؤوسون الأوامر من رئيسهم، و تظل عيونهم معلقة عليه، فلا يتخذون قرارا حتى يملى عليهم توجيهاته، ومن ثم لا أحد " يذاكر" ونفاجئ بأننا قد حصلنا على صفر كبير، ويا ولداه كم من الأصفار الكبيرة التى حصلت عليها مصر فى السنوات الأخيرة، بل لا زلنا نلم الكعك فى أكياسنا.

لكم انبحت أصوات مثل هيكل وغيره وملت أقلامهم وهم يذكّرون بأن الأمن القومى لمصر لا يبدأ من ضفة القناة الغربية (سيناء لا تزال مطمعا للثعالب) بل من حدود سورية مع تركيا شمالا، ولا ينتهى عند آخر نقطة فى بحيرة فكتوريا جنوبا أو الهضبة الإثيوبية جنوب شرق، ولكن على ما يبدو أنه طالما هيكل وغيره ليسوا من منتسبى الحزب الوطنى أو من مفكرى لجنة السياسات فلا يجب الإلتفات إلى كلامهم ويكفى أن تنتهى حدودنا عند السد العالى، والنتيجة كما نرى الآن .

ملفات كثيرة فشل المنوط بهم أمرها بخلاف ملف النيل فى إدارتها، ثم يفاجأون بالنتائج، وتبريرا للخيبة الكبيرة نرمى بالمشكلة على الحكم الذى لا يريد لمصر أن تحقق نجاحا فى البطولات الإفريقية، أو أرض الملعب أو قلة الأكسجين، ولذا تأتى تصريحات مسئوليتنا عنترية للاستهلاك المحلى ليس إلا على طريقة تصريحات الستينات -تصريح السيد مفيد شهاب نموذجا عندما يؤكد أن حق مصر فى مياه النيل محفوظ- وهم لا يدركون أن هذا النوع من التصريحات لم يعد يجدى فى ظل السموات المفتوحة، وكونية العالم .

أليس من الملاحظ أن تصريحات وزير الخارجية أحمد أبو الغيط اتت جميعها "مدهشة" منذ توليه سدة الوزارة، ولم يخرج تصريح منها وقد استقبله الناس بقبول حسن؟

لقد انكفأنا على ذاتنا وفق مقولة يا بخت من بات مظلوما وليس ظالما، ودفنا رؤوسنا كالنعام وتعامينا عن حقائق التاريخ والواقع، ونسينا أمثالنا التى تؤكد أنه إذا لم تكن ذئبا أكلتك الكلاب، وها نحن ندفع الثمن، ولكن .. رغم ذلك يمكن لنا أن نصلح العربة، ففى مصر عقول خلاقة وأناس ذوو إرادة، ووطنيون مخلصون، يستطيعون إنقاذ البلد من كبوتها.

صحفى مصرى مقيم بالكويت.*





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة