محمد شلتوت يكتب: يوميات مضيف فى الطيران "قصة متحفين"

الإثنين، 03 مايو 2010 07:45 م
محمد شلتوت يكتب: يوميات مضيف فى الطيران "قصة متحفين"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أنس أبدا أننى خريج الآثار الذى اكتويت بنار هذه الكلية، والتى لم أعمل يوما بما درسته فيها، وذهب ما تعلمته من هيروغليفى وهيراطيقى وقبطى مع رياح العمر بحثا عن وظيفة محترمة.
تفتح بيتا وتصرف على الأولاد من الحلال بدلا من الجلوس كمفتش أثرى ليس لك أى عمل سوى حراسة مخزن أثار، لا تعلم محتواه، ويعلم الذين سلموه لك أن ما استلمته مخالف تماما لما هو داخله.

وكان لابد أن أختار أن أترك ما أحببت ودرست، أو أكون شاهدا ما شافش حاجة، وأبدا موظفا صغيرا وكلها كام سنة وأبقى زى الفل. وعلشان أنا فقرى ومبحبش الفل وجدت نفسى أبتعد نهائيا عن العمل بالآثار، رافعا الشعار الشهير نموت ..نموت وتحيا مصر.. الفرعونية،
وصدقونى لو لم أكن مصريا، لوددت أن أكون مصريا.. أيام خوفو أو خفرع أو حتى منكاورع ( الدلع منقرع ).
الواحد أيامها كان عايش فى دولة بحق وحقيق.. مش على ما تفرج
المهم هذا الولع بالآثار والتحف صار لصيقا بى إلى اليوم، حتى أننى خفت أن تكون هذه هى لعنة الفراعنة.
ما إن أنزل أى بلد حتى أبحث عن متحفها القومى لأزوره، وطبعا هلاقى حبايبى الفراعنة هناك ما هم متنطورين فى كل حتة شوية حبة فى ألمانيا، على حبة فى إنجلترا على مجموعة فى النمسا..
يا راجل ده أنا لاقيت مسلة فى الفاتيكان.. ازاى وصلت هناك..ده اللى أنا مش عارفه!!.
إلا أن أكبر مجموعة من الآثار الفرعونية وقعت عليها عينى كانت فى فرنسا فى متحف اللوفر.
أيه ده!! كمية آثار مصرية.. يا نهار بيض.. أنا مش عارف كل ده خرج ازاى؟؟.
المهم إن ربنا رحم الآثار اللى خرجت دى والله.. ليه؟؟ أقولك
الآثار فى اللوفر يا جماعة محطوطة بطريقة تخللى الأثر ينطق.. أقول أيه عن الإضاءة ولا الشرح اللى على الأثر ولا الناس المحترمة اللى بتتفرج.. إيه ده؟؟ تتمنى ربنا يسخطك طوبة لأنك هناك محترم عن البنى آدم فى بلادنا.. أخذت أتجول بين الآثار، واسترجعت تلك الذكريات المؤلمة التى عشتها بالمتحف المصرى، والذى خضت فيه تجربة أريد أن أرويها لكم..
كنا مجموعة من طلبة الآثار المجتهدين الذين لم نتلوث بعد بماديات ما بعد التخرج واقترحنا على الدكتور على رضوان، عميد الكلية آنذاك، أن نقوم بتكوين مجموعة من الطلبة الذين يكون عملهم هو شرح الآثار للأسر المصرية التى تتردد على المتحف بدون مقابل، وذلك حتى نقوم بنشر الوعى الأثرى، وقمنا بتسمية أنفسنا بجماعة أصدقاء المتحف المصرى، وبدأنا فى الذهاب وتقديم خدماتنا للأسر
يومى الخميس والجمعة، ومع بداية تطبيق التجربة جاءت قرعتى مع أسرة مصرية كان الأب فيها أمين شرطة
وعندما قدمت له نفسى، قال لى هاتاخد فلوس.. قلت له..لأ أبدا.. فرد عليا وهو يبتسم يالله على البركة خللى العيال يفهمولهم حاجة بدل قاعدة الجنينة.
بدأت فى الشرح وسط تململ الأطفال، وأبوهم وأمهم التى لم يفتح عليها الله إلا بسؤالى إلا يا خويا التماثيل دى مش حرام؟؟
ولم أرد أن أدخل فى مناقشة جدلية فرددت بزهق لا يا حاجة مش حرام.. هوه إحنا بنعبدها؟؟.
فردت بقرف الله يحرقهم راحوا فى ستين داهية!!
ظللت أشرح إلى أن وصلت بهم أمام تمثال مصقول من الجرانيت لأحد الملوك فى وضع تعبدى، وأثناء الشرح
إذا بالأب يقوم بملامسة وجه التمثال بكفه، فنبهته أن هذا ممنوع وما إن بدأنا بالتحرك من أمام التمثال حتى قام الرجل بصفع التمثال على وجهه بقوة.. فسألته إيه اللى أنت بتعمله ده؟؟
فرد بغباء أصل وشه ناعم قوى، وحبيت أصبح عليه.. هنا انتابتى حالة من الغيظ الشديد، وأخذت أصرخ فيه.. ليه كده؟؟
أنت بتعمل كده ليه؟؟ أولادك هيتعلموا منك أيه؟؟
عندها هب فى وجهى قائلا.. أيه يا عم هوه فيه أيه؟؟ هوه من بقية أهلك.. بقولك بصبح عليه.. لا أنا كهربته ولا نفخته.. أيه بصبح عليه!! ده لو كان عايش معانا كنت أديته بالجزمة!!.
هنا انسحبت بسرعة من أمامه وتركته وهو يحيى أصدقاءه من الأمناء المنتشرين بالمتحف ويصبح على التماثيل..





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة