محمد حماد

واحد من الناس اسمه وائل عزيز

الجمعة، 28 مايو 2010 08:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان لى شرف أننى أفردت للحوار معه صفحة كاملة فى جريدة العربى، وكانت بلا شك مغامرة مهنية، أن تفرد جريدة أسبوعية على الورق مساحة صفحة كاملة مع مدون، اسمه قد يكون معروفاً فى محيط عمله، وهو الأستاذ الدكتور المهندس الذى لا يكف عن التعلم منذ تخرج فى جامعة القاهرة حتى تبوأ مناصب قيادية فى مجال الحكومة الإلكترونية والتخطيط الإستراتيجى، وهو اسم محترم بين عدد كبير من المدونين، ولكنه ليس اسماً إعلامياً لامعاً، وهو ليس من النخبة السائدة على شاشات التليفزيون، أو على صفحات الجرائد الحكومية، تلك النوعية من النخبة التى تُحدث فى الغالب طنيناً ولا تقول فكرة واحدة ذات قيمة.
لم أعرفه معرفة شخصية، ولكنى تواصلت مع كثير مما ينتجه من أفكار، تواصلنا عبر البريد الإلكترونى، ولم تنقطع صلتنا حتى اليوم، وكنت مع كل إطلالة على ما يكتب أتعرف فيها على جانب جديد وجميل فى فكره واستنارته.
ولد فى الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1965، اليوم الذى ولد فيه السيد المسيح، حسب أحد الروايات، وإسحق نيوتن، وأنور السادات، وأحمد بن بيلا، ومحمد على جناح، وبرويز مشرف، ومحمد على كلاى، وكونراد هيلتون، وصلاح جاهين.
كتب الشعر صغيراً، ودخل كلية الهندسة، ودرس الهندسة الطبية، كان لقب دكتور مهندس مغرياً له، فكان يدرس يومين فى الطب وثلاثة فى الهندسة، وكان أول أو ثانى الدفعة، على مدار سنوات الدراسة، ولكنه تخرج فى الكلية وترتيبه الرابع عشر، لأسباب غير علمية، وقدم للدراسات العليا فى هندسة الأزهر رسالة عن "عالم الحديث الصناعى"، وفى الوقت نفسه عمل مبرمجاً فصمم برامج عالمية لشركات البترول، ثم شركات المقاولات، والبنوك والمطابع ومعارض السلع المعمرة والنقابات ومؤسسات المجتمع المدنى والمستشفيات والحكومة الإلكترونية، وهو ما أتاح له التعرض لتجربة عملية عريضة وثرية، ثم شدته الإدارة من الهندسة فدرسها وترقى حتى وصل إلى مناصب قيادية فى مجال الحكومة الإلكترونية والتخطيط الإستراتيجى.
فى الحادية والعشرين من عمره أنشأ دار نشر صغيرة ولم يصدق أن صناعة النشر تحتاج إلى عمر نوح وصبر أيوب ومال قارون، فأفلست الدار بسبب احتلال العراق للكويت، بعد ثلاث سنوات نشر خلالها أكثر من 30 عنواناً.
وهو ينبهنا إلى أن سرعة التغيير أكبر مما اعتاده العقل البشرى منذ بدء الخليقة، المعلومات تتضاعف كل خمس سنوات، وهو يعرف أن فوز أوباما يعود فى جانب كبير منه إلى أن فريق حملته الانتخابية كان أكثر فعالية فى استخدام شبكة الإنترنت من فريق حملة منافسه، لكنه يحذر من أن هذا لا يعنى لنا الكثير هنا فى مصر، ويطالبنا بألاَّ نعول كثيراً على الفيس بوك والمدونات، فهو يؤمن بأن أمريكا تسبقنا بعشر سنوات فى التقنية، وهذا لا يقلقه، ما يقلقه أنها تسبقنا فى الديمقراطية بمائة عام، ومع ذلك فهو يرى أن الديمقراطية ليست دواء سحرياً للتخسيس، لأنه لا يوجد أصلاً مثل هذا الدواء، ومن يرد النحافة فعليه أن يدفع الثمن من رياضة مستمرة وحمية مكثفة، لا شيئا مجانياً، ومع ذلك فنحن لا نريد أن يدفع الثمن.
وهو يجزم بأن مصر يمكن أن تكون دولة كبيرة فى أقل من عشرين سنة، بشرط أن يحدث توافقا بين الحاكم والشعب، ويقول:"مشكلتنا فى الثقة والحياء": لا نحن نثق فى حكومتنا ولا هى تثق فينا، ولا نحن نستحى من لا مبالاتنا، ولا هى تستحى من الكذب علينا.
ويذكرنا بأن أكثر من مائة عام منذ بدأ تسليم جوائز نوبل، فاز فيها بجائزة العلوم 180 عالماً يهودياً (14 مليون نسمة)، و3 مسلمين (1400 مليون نسمة)، وهو يلح على أن أسئلة المستقبل هى الأسئلة التى لا يسألها أحد، مع أنها الأسئلة الوحيدة واجبة الطرح، ويتساءل: من قال إننى لا يمكن أن أتفق مع إيران على مشروع قمر صناعى مشترك قبل أن نحل مشكلة من الأحق بالخلافة أبو بكر أم على، رضى الله عنهما، ومن قال إننى يجب أن أوقف كل الأبحاث فى مجال هندسة اللغة لكى نتفرغ لمعرفة ماذا كانت لغة آدم فى الجنة، ومن قال إن الرسول، صلى الله عليه وسلم، سيفرح بلحيتى الطويلة وثوبى القصير أكثر من فرحه بجهاز اخترعته أو لقاح صنعته أو دواء طورته؟.
وهو يتمنى لو أنه استقبل من عمره ما استدبر ليبذل جهداً أكبر لتأهيل نفسه ليصير سلفياً إخوانياً صوفياً علمانياً فى نفس الوقت، فهو يعتقد أن أياً من هذه الصفات لا يبعث على الخجل، ويقول هناك أعلام من السلفيين والإخوان والعلمانيين والصوفيين من يرجو أن يكون ساعياً على بابه، وحوارياً من حواريه، وهو لا يرى أى تناقض بين أن يكون المرء سلفياً وعلمانياً، ويقول إن ما يستحق الخجل بالفعل هو أن نستخدم هذه الألفاظ باعتبارها سبة أو اتهام، وبلهجة تمتلئ بالتحقير والازدراء.
وهو يؤمن بأن لدينا ثغرة كبيرة فى تعلم فقه الخلاف، ويقول إننا لا ينقصنا علماء، وإنما ينقصنا مربون، ولا نحتاج إلى فتاوى فقهية، وإنما إلى تربية عقدية، ويرى أننا ننتج الفتاوى الفقهية وكأنها من ماكينة آيس كريم، ونتعامل معها كما نتعامل مع الآيس الكريم نلحسه ثم يختفى.
هدفه فى السنوات الخمس المقبلة أن يؤسس مدرسة ابتدائية فريدة فى مناهجها وأساليب تدريسها ومدرسيها، شعارها:"جيل يواكب عصره ويحفظ تراثه"، تطبق مبادئ عقل ونقل ومستقبل.
اسمه الدكتور وائل عزيز، ومدونته اسمها عقل ونقل ومستقبل وعنوانها: http://waelaziz.maktoobblog.com/
ألا توافقونى على أن شخصاً بهذه الكفاءات وبهذه الطريقة فى التفكير، وبهذه الخبرات العلمية والإدارية يعطينا الأمل فى أن بلدنا، رغم كل ما فيه، يبقى قادراً على التطلع إلى المستقبل بثقة وأمل كبيرين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة