هكذا وباختصار وصف بعضهم إعلامنا العربى الرياضى بأنه إعلام ليس رياضى على العموم، فهو إعلام مريض منتسب زورا وبهتانا للرياضة، وعالق به كالمرض فى الجسم السليم، ونحن معه على العموم وأنه من عموم البلوى إلا من رحم ربى من منارات إعلامية رياضية بارزة لها كل الاحترام.
وهل حقا إعلامنا الرياضى ليس رياضى، إنا هنا لن أنصب نفسى قاضيا ولست ذلك الخبير الذى يفتى فى علم كبير من علوم الإعلام، ولكنى سأحكم على هذا الإعلام كأحد متابعيه ومشاهديه وباعتبارى مشجع ورياضى، تعالوا نتكلم ببساطة الرياضة وسهولتها.
عندما نقول رياضى يعنى جسما سليما قوى البنية وعالى المهارة، فكم من إعلاميينا قوى الحجة وذا مهارة وطلاقة لسان وحلاوة أفكار؟ أما ما يقدمه الرياضى من أداء فى الملعب فهو يعتمد أساسا على التدريب المنتظم والمتواصل فى ملاعب التدريب حتى تكتمل لياقته فيستحق شرف اللعب فى المباراة وأمام الجمهور، لكن الإعلامى الفذ هذه الأيام يتدرب أمام الكاميرا وعلى الهوا، ويلعب بأفكاره ويؤدى بكلماته مباشر من غير تدريب أو حتى إحماء.
والرياضى دائم المنافسة والتواجد فى معترك التحديات، ولا يبقيه فى الملعب أساسيا إلا أدائه وقدرته فى إقناع المدير الفنى، وعلو كعبه على أقرانه فى مركزه، وإلا مصيره دكّة البدلاء أو حتى الاستغناء، أما أن يحجز نفسه أساسيا فى مركزه وعلى ملعب وشاشة الأستوديو فقط لأنه منتمى لنادى ما أو تاريخ مضى أو مصلحة ما، فليس هذا من قانون الرياضة اليوم.
والرياضى ينجح بجهده وعرقه من خلال طاقم فنى متخصص يتابعه ويرشده ويمده بالصالح والمفيد ليتقدم يوما بعد آخر، أما أن يستعين بنطيحة علم وموقوذة فكر ومتردية خبرة، فلن يمده حينها إلا بأخبار وأفكار وتحاليل ليست أقل من صاحبها نطيحة وموقوذة ومتردية، أو ربما يرى الإعلامى الفذ الاعتماد على اسمه اللامع وبريقه الفاقع، فليس هذا زمان العالم الشامل الجامع أو اللاعب الخارق.
والرياضة أيا كان نوعها تحكمها قوانين واضحة ومعلومة وموثقة، تحكم أداء اللاعبين وتوجههم نحو الأداء السليم وتحذرهم الانحراف عنها بعقوبات رادعة واضحة، يدركها اللاعب ويفهمها وليس بإمكانه أيما كان أن يتجاوزها أو يتلاعب بها، فما هى بالله عليكم قوانين إعلامنا الرياضى ومن هو الحكم ومن المراقب ومن يرفع التقرير ولمن.
والرياضة أخلاق وهى دعوة لكل شيء جميل وفيها المتعة والتسلية والصحة، وإعلامنا الرياضى كذلك لكن مع بعض الاختلاف، فهو إعلام بأخلاق لكن من عالم غير رياضى بل هو من السوق آو إن شئت قل السوء، فما نسمعه أو نقرأه أو نشاهده ليس إلا سلع تجارية يراد لها الإعلان والترويج من خلال مقدم البرنامج أو قل فتى الإعلان، معتمدا على نظرية اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون، إنه ترويج وإعلان لأجل الربح فقط، بغض النظر عن السلعة وحقيقة جودتها أو صلاحيتها أو صدقها، فالمهم تحصيل أكبر دخل وأكثر دعايات وأكبر مشاهدة وأكبر وأكثر و...، فلا مانع من خلق الإثارة واختلاق الأحداث وتعظيم التافه، وتكبير المهمل ومداعبة العواطف والغرائز حتى وإن كانت منتنة أو جاهلية أو ساقطة.
وإذن أين هى الرياضة وقوانينها وأعرافها، أين هو قوام الرياضة فى الإعلام الرياضى، وأين معانى الرياضة الجميلة فى هذا الواقع للإعلام الرياضى، بل أين هى الرجال وأخلاقهم وأين هى المبادئ والتزامهم، وأين كلمات الخير وشاشات النور، وكلمات الحق، وأين ميزان الحق عندكم، وهل من عبرة ووقفة، إن لم تكن لدنياكم فلآخرتكم، إنها نصيحة محب وموعظة لحق وتذكرة للعقبى، ومصداقا لقوله تعالى (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة