سليمان العايدى يكتب: "التوك شو".. فى الميزان

الجمعة، 28 مايو 2010 03:30 م
سليمان العايدى يكتب: "التوك شو".. فى الميزان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد قامت بعض الفضائيات المصرية بدور بنَّاء وفعال فى طرح قضايا وهموم الشعب المصرى، وكانت بمثابة المتنفس للمظلومين والكادحين من أبناء هذا الشعب الأبى المناضل من أجل العيش الكريم، ولقد تمثل هذا الدور فى عديد من البرامج الحيَّة التى لا علاقة لها – غالباً – بالإسفاف الذى تبثه نفس الفضائيات فى الأفلام والمسلسلات وبرامج العرى والتبذل؛ مما يجعل الحاجة ماسة للمزيد من هذه البرامج العملاقة التى جذبت كثيراً من المشاهدين على مستوى العالم، وكانت بمثابة نقلة نوعية نحو الإعلام الهادف تحسب سبقاً للإعلام المصرى، كما أن هذه البرامج كانت دليلاً قوياً على حرية التعبير التى يتمتع بها المصريون- إلى حد كبير – والتى يتشدق الغرب بحيازتها دوننا.

وعند بعض الناظرين والمشتغلين بالتحليل والنقد، ربما يعتبرون هذه البرامج كاشفة للمستور "ناشرة لغسيلنا الوسخ" فيخجلون عند طرحها لقضايا الفقر والعوز وجانب الحاجة والرذيلة والقبح عموماً، وهذا فهم خطأ، إذ شعوب العالم قديماً وحديثاً لا تخلو من هذا الجانب، ولئن يُعلن عنه من أجل الإصلاح والتحذير منه، خير من أن يظل مستوراً؛ فيزداد ويتفشى، إلى أن يتمخض عن عواقب وخيمة، ويزداد الضرر ويتفاقم السوء.

غير أن هذه البرامج تجنح أحياناً فى طرح ونقد قضاياها إلى غير المختصين مثل الصحفيين أو بعض نواب الشعب – مع تقديرى لكل صاحب فكر أو قلم – فى معالجة قضايا دينية أواقتصادية أو حتى سياسية، فليس كل صاحب قلم أو فكر صاحب رؤية سياسية أو دينية أو اقتصادية، كما أن ذلك يُعدُّ تجاهلاً لأصحاب الاختصاص، أو ادعاءً بأن الساحة المصرية خاوية على عروشها من المختصين فرحنا نجلب من يسد تلك الخانة، أو أن الأمر متعلق بنواحٍ مادية أجهلها خاصة بأجور أصحاب الأقلام! أم أنَّ المحسوبية والواسطة فى الرأى والفكر أيضاً؟!، أم هو مجرد حشد للآراء واستهزاء بالمشاهِد الذى يتوق إلى كلام الاختصاصى النفسى والاجتماعى والدينى والسياسى كلٌّ فى مجاله؛ حتى يكون أكثر قناعة؛ فلم يعد المشاهد إلا ناقداً ومميزاً! ولذلك أدعو كل هذه البرامج أن تجنح إلى التخصص وتدع الفوضى والحشو والحشد الخاوى، وإذا لم يكن لديها ما تكمل به الوقت المقرر لها؛ فلا بأس أن تكتفى بما لديها من أطروحات وتريح المشاهد من عناء السهر والكيد.

وكذلك يجب على هذه البرامج أن تصنف آراء الجمهور؛ فليس كل مقترح مصيب، وإلا أين الدراسات وأصحابها من القرار فى المجتمع؟! وإذا كان الدارسون يُتعقبُون ويُخطأون فكيف بأصحاب الآراء الجزافية، وأخصُّ بذلك بعض نواب الشعب النيابيين غير الدارسين الذين – تعتمد على بعضهم هذه البرامج- فيعتلون المنـَّصات متناولين لأخص القضايا بالطرح والتفنيد بدون علم ولا دراسة، وهذا ينذر بالخطر المُؤكَّد، فالدولة الحديثة تبنى بالعلم والأبحاث والدراسات فى مختلف النواحى.

وأخيراً أرجو أن يكون لكلماتى صدى، ولا تمر على آذان مخرجى البرامج ومعديها مرور الكرام ؛ حتى تكون أكثر فاعلية وإيجابية، وتكون معبرة بحق عن الضمير المصرى الحى، ولا تكون لمجرد التنفيس، وإخراج المكبوت فيستريح الصدر مليا ثم يعود لكمده وحزنه، إذ لم يتغير من الواقع الأليم إلا مجرد كلمات اختلطت بالغبار المتناثر زادت العبء على الهواء المثقل بالهموم والأنفاس الحارة التى تنطلق عبره من الصدور كل وقت وحين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة