ريقى ناشف ناشف.. وأنا أتابع أحداث هذه الدراما الحية التى تحملها إلينا وكالات الأنباء حول أزمة دول حوض النيل.
أحتار فى تصنيف نوعية هذه الدراما.. فهى تبدو للوهلة الأولى من نوعية دراما الكوارث مثل أفلام الزلازل والبراكين التى تمسح مدناً بكاملها من الوجود فى غمضة عين.. ولكنها تتحول أحيانا إلى لايت كوميدى عندما نتأمل تصريحات المسئولين.. وتتحول إلى دراما استعراضية راقصة على واحدة ونص عندما أقرأ تحليلات كُتاب الحكومة الملاكى بكل ما فيها من طبل وزمر ورقص وتهجيص.. ولكننى أحاول أن أقنع نفسى بأن الفيلم الكابوس الذى تنقله وكالات الأنباء سوف يتحول فى مرحلة ما إلى فيلم بوليسى مشوق.. فيلم من النوع الذى يضحك فيه البطل على الجميع فيبدو فى معظم مشاهد الفيلم عبيطا ساذجا يرتدى "بالطو قديم" مثل المفتش "كولومبو"، ولكنه يفاجئ المشاهدين فى الدقائق الأخيرة من الرواية بأن هذا القناع كان مجرد تمثيلية من رجل "حويط" و"غويط" و"قرارى" يستطيع أن يحرك جميع خيوط اللعبة ويجعل كل التفاصيل تصب فى النهاية لصالحه.
أحاول أن أقنع نفسى أن الحكومة بالتأكيد تمتلك أوراقا لا نعرفها.. فمن غير المعقول أن الحكومة هى الوحيدة فى هذا الكون التى فوجئت بما حدث.. ومن غير المعقول أن كل حججها لإنقاذ نهر النيل من الضياع هى حكاية الحقوق التاريخية والتشبث باتفاقية سنة 1929 التى أصبحت جميع دول حوض النيل ترفضها.. من المؤكد أن هذه الحالة الهزيلة التعيسة التى تبدو عليها الحكومة وهى تتعامل مع الملف منذ وقت طويل مجرد عملية تمويه، وإلا ما الذى جعل الرئيس مبارك يقوم برحلة إلى إيطاليا فى عز عز الأزمة.. لا يا جماعة.. أكيد الحكاية فيها تمويه.. وأكيد سوف تحمل الأيام أو السنين أو العقود أو القرون القادمة مفاجأة جبارة تقوم الحكومة بإعدادها على مهل سوف تقلب المائدة نهائيا على رؤوس المتآمرين الذين يريدون حرمان مصر من حقوقها التاريخية فى مياه النيل.
صحيح أننا لا نثق كثيرا فى كفاءة الحكومة.. ولا فى قدرتها على إدارة أى أزمة.. وصحيح أن الحكومة يبدو (فى الظاهر فقط) أنها لا تعرف أصلا أين توجد قارة أفريقيا ولم تقم بعلاقات حقيقية مع دول حوض النيل منذ أيام الخليفة المستنصر أشهر الحكام الذين رفعوا شعار الاستقرار فى تاريخ مصر (فحكم مصر ستين سنة وخربها وقعد على تلها لدرجة أن كتب التاريخ أصبحت تسمى أسوأ مجاعة عرفتها مصر فى تاريخها باسم الشدة المستنصرية على اسم جلالته).. وصحيح أن الحكومة التى تبيع الغاز ببلاش لإسرائيل وتبيع المصانع ببلاش للمستثمرين وتبيع مصر ببلاش للمحاسيب لا تستحق أن يمنحها أحد ذرة من الثقة.. إلا أن كل هذه التفاهات ربما تكون جزءاً من حركة التمويه الغويطة والحويطة والقرارية التى تتبعها الحكومة لتنقض فى اللحظة المناسبة وتقوم بكشف أوراقها فتذهلنا وتذهل جميع دول حوض النيل من هول المفاجأة.
ودقى يا مزيكا!!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة