أخذت السحابة البركانية تقترب رويداً رويداً حتى ملأت الغرفة ولم أعد أرى شيئاً، فقلت لأمى: إنتى فين ياماما؟ فقالت: سلامة الشوف يا نضرى مانا قدامك أهو، قلت: يعنى مش السحابة السودة يامه؟، قالت: لأ يانور عينى أنت اللى مش شايف، وخير اللهم اجعله خير عاد لى البصر مرة أخرى، وأثناء مباراة الأهلى والزمالك رأيت الأهلى يحرز هدفاً فى نفسه، فقلت لأمى: هو فين الأهلى ياماما؟ الفريقين لابسين أبيض ليه؟ وخير اللهم اجعله خير عاد لى البصر مرة أخرى.
وجلست فى غرفتى فى الظلام أفكر وحيدا -مش عارف أنا ماكنتش شايف ولا الكهرباء قاطعة-أرى مستقبلى بعد التخرج وأنا أركض وراء الأتوبيس، ورأيت أبوها يقول لى: بلاها عربية وبلاها شقة وبلاها شبكة وبلاها مهر وبلاها مؤخر وبلاها أكاونت على الفيسبوك، بس أشوفك بتشتغل فى حاجة يابنى، ورأيتنى أقول له: وبلاها سوسو ياعمى، ومازالت أمى تحاول مراراً وتكراراً أن تقنعنى بأن نظرى ضعيف وتنصحنى بارتداء نظارة طبية، وأنا أرفض بشدة على اعتبار أنى إذا كنت شايف المستقبل يعنى مش هاشوف الواقع.
ثم قررت أن أشاهد التلفاز لأثبت لأمى أنى أرى جيداَ، وأخذت أقلب فى الخمسمائة قناة التى على الدش واحده تلو الأخرى فكانت كلها مغلقة، ماعدا واحدة... قناة ميلودى والتى تبث إعلان جوليا وبوبى الحقيقة المرة.... اختلست النظر حولى فلم أجد أحداً، ها أنا ذا أرى جوليا وبكل وضوح، لأ وكمان شايف تفاصيل التفاصيل، ثم سمعت صوت أمى: مش كفاية فرجة بقى وتشوف مذاكرتك شوية، صرخت فيها: تعالى يامه.... مش أنا طلعت باشوف يامه، قالت: عارفة يا عينية مانا قاعدة جنبك من ساعتها.
ولم أعد أدرى أهى فعلا مسألة نظر أمام سحابة، وإلا فلماذا يسير الميكروباص على الرصيف؟ ولماذا يسقط الأتوبيس من أعلى الكوبرى؟ ولماذا يختلف العرب فى رؤية هلال رمضان؟ ولماذا يقول المسئولون إن المستقبل أكثر من رائع-ما هو مش معقول الشعب كله مابيشوفش- وأخيراً اقتنعت بكلام أمى وقررت الذهاب لعمل كشف نظر، وذهبت إلى طبيب العيون: هو أنا أتعميت يا دكتور؟ ما بقيتش شايف حاجة، فقال لى: قرب منى شوية يابنى أنا مش شايفك كويس.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة