د. أشرف بلبع

ومضات البرق الشعبى

الأربعاء، 26 مايو 2010 07:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ومضات البرق هى البدايات المبكرة لعاصفة رعدية والحركات الاحتجاجية الشعبية فى تعددها ما هى إلا هذه الومضات.

ميدان الاحتجاج السياسى فى مصر يستقبل كل يوم ناشطين جدد من كل سن ومهنة وفئة من المجتمع وهو ما يشحن الجو السياسى المصرى بشحنات متزايدة تظهر كومضات برق.

لقد كانت فتاة مصرية فى سن الثانية عشر تقريبا هى التى جذبت انتباهى بشدة، هذه الفتاة الصغيرة كانت تقود وقفة احتجاجية لمجموعة من العمال أمام مجلس الشعب. هتفت هذة الفتاة فى تلقائية وهتف وراءها جموع العمال. انسابت فى تمكن من هتاف يطول النقابة العامة للعمال إلى هتاف يطول الحزب الوطنى والحكومة. كانت عيناها تشع بنظرات كلها ذكاء وتنم عن وعى عميق بما تقول. لقد كانت هذة الفتاة ناشطة سياسية صغيرة لم يلقنها أحد، ولدتها الظروف وشكلتها المعاناة. شعبنا اليوم لم يعد الشعب الساكن الذى ارتبط فى السابق مع حكومته "ولية أمره" بعقد السكوت والرضا مقابل الحد الأدنى من احتياجات الحياة. لم تكن هذه الفتاة بظهورها كناشطة سياسية غير ومضة من تلك الومضات التى تنبئ أن عصرا ينتهى وجديدا غيره يبدأ، يلتحم فيه الاحتجاج الاجتماعى بالسياسى. عصرا تحتج فيه كل فئة من الشعب احتجاجا يؤدى بها إلى الساحة السياسية.

أصبح الشعب المصرى شعبا لا يخاف وأصبح مكان احتجاجه هو الرصيف المواجه مباشرة لمجلس الشعب وأصبح احتجاجا يضج بالطرق والصفير والهتاف الذى لا يهاب. لقد تعدت جرأة المصريين فى الاحتجاج والغضب حدود العصيان المدنى إلى درجة قطع طرق عامة كالدائرى والساحلى الدولى والإسكندرية الزراعى لساعات وهذا تحديدا ما يسعى تيار التغيير والإصلاح لتجنيب مصر أخطاره.

لقد اشترك الجميع بكل فئاتهم فى الاحتجاج ورأينا الأسلوب المثير فى محاولة تمرير قانون جديد لممارسة مهنة المحاماة فى غفلة من جموعهم وكيف ثار جمهور المحامين على نقيبهم وأفشلوا مؤتمره الذى عقده لتحسين صورته بعد سحبه القانون اضطرارا من مجلس الشعب. لقد خرج هتاف ولافتات المحامين الثائرين عن نطاق النقابة وطال الحزب الوطنى ليتحول الاحتجاج من فئوى إلى سياسى وكانت من نتائجه المباشرة انضمام أعداد كبيرة منهم إلى تيار التغيير وتكوين جمعية فرعية بالنقابة لتنسيق أنشطتهم والدفاع عن كل من يعتقل من النشطاء. عندما لدغ نائب الشعب مصطفى بكرى فى الصميم وألغيت دائرته واضطر هو الآخر للتظاهر على رصيف مجلس الشعب كان هذا كفيلا بإثارة أهالى دائرته بحلوان ليدخل الجميع بغضب دائرة الاحتجاج السياسى.

بدأ أطباء وزارة الصحة منذ فترة فى الاحتجاج على تدنى رواتبهم مثلهم فى ذلك مثل إخوانهم من العمال والموظفين. بدأ ذلك كاحتجاج فئوى وتدرج إلى احتجاج سياسى على تدنى الميزانية المرصودة لعلاج المصريين وتدنى نسبة هذه الميزانية لإجمالى الميزانية العامة بمصر إلى ثلث النسبة المتعارف عليها بالدول التى تحترم مواطنيها وتعتنى بصحتهم وطال احتجاجهم وغضبهم بنودا ضخمة كميزانية أجهزة الأمن وبنودا أخرى لا تناقش للجهات السيادية.

لقد تحولت أعداد كبيرة من الشباب المصرى إلى ناشطين سياسيين لأنهم أدركوا أن التغيير من أجل الإصلاح هو ضرورة لمستقبل كل منهم. هذه الأعداد تتزايد كل يوم ويشكل هؤلاء الشباب تيارا يزيد اندفاعه ليستوعب المجتمع المصرى كله ذات يوم.

على بعد آلاف الأميال انتفض إخواننا من المصريين المقيمين بالولايات المتحدة فى خطوة تضامنية مع إخوانهم بالوطن لمساعدة جهود التغيير والإصلاح ولوضع مصر على طريق النهضة.
تثور فئة جديدة كل يوم وتولد حركتها ومضة كومضات البرق وتتحول أعداد متزايدة من المصريين وخاصة الشباب إلى ناشطين سياسيين وكلما تزايدت هذه الأعداد والومضات كلما اقترب حدوث عاصفة التغيير.

• أستاذ بطب القاهرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة