تباينت ردود فعل قراء اليوم السابع بعد نشر الموقع خبرا عن قرار موافقة النايل سات على طلب الجمعية اليهودية بفرنسا بوقف قناة الرحمة.. فريق استنكر بشدة قرار المنع وفريق ثانى أيده، بينما انتقد فريق ثالث برامج القناة ولكنه تحفظ على قرار المنع.
على الجانب الآخر خصصت القناة جزءا كبير من برامجها تحت شعار (الرحمة باقية) مدافعة عن نهجها ومستنكرة أن تكون برامجها قد شجعت على العنف والإرهاب. وتضامن بعض أعضاء مجلس الشعب مع القناة مستندين إلى المادة 48 و المادة 49.
الحقيقة أننى لا اتفق مع نهج وبرامج قناة الرحمة وما شابهها من القنوات الدينية كقناة الناس وكثير من البرامج الدينية التى تذاع على الفضائيات الخاصة غير الدينية جملة وتفصيلا وشكلا وموضوعا. تلك القنوات والبرامج التى يسيطر عليها مجموعة من الأفراد يظنون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة ولا يكنون أى احترام لمن يختلف معهم فى الرأى.
نأتى للسادة أعضاء مجلس الشعب الذين دافعوا عن القناة مستندين إلى المادة 48 التى نصت على حرية الصحافة والنشر ووسائل الإعلام وكفالتها، والمادة 49 التى أكدت على حرية البحث العلمى والإبداع الأدبى والفنى والثقافى للمواطنين. لا أدرى ما أوجه الإبداع الأدبى فى هذه القنوات والبرامج التى تحرم الغناء والسينما والأدب الروائى والصور وأى شكل من أشكال الفن؟! ولا أدرى أيضا ما أوجه البحث العلمى فى هذه القنوات والبرامج التى تعتمد على النقل والتفسير الجامد والحرفى للآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟!
شغلوا عقول ضحاياهم من أفراد مجتمعنا ببرامج عن قضايا غيبية وأخرى لم تعد تناسب عصرنا كحلق اللحى وتقصير الثياب، وبإصدار كم هائل من الفتاوى التى تتعلق بجسد المرأة وبتناول قضايا الشعوذة والخزعبلات، كتفسير الأحلام، وعلى النقيض أهملوا تناول القيم التى يستند عليها تقدم أى مجتمع كقيم العمل والعدالة والمساواة والحرية.
تجدهم يفرطون فى الحديث عن الآخر، أى كان هذا الآخر. فى بعض برامجهم يتناولون اليهود بالسباب والشتائم، خاصة عندما يكون الموقف متأزما فى فلسطين، وفى برامج أخرى يتركون اليهود ويتحولون إلى النصارى أو البهائيين عند إثارة أى قضية طائفية فى مصر! وحينما تهدأ الأمور الفلسطينية والطائفية المصرية بعض الشىء تجدهم يتفرغون لمن يختلفون معهم من أبناء دينهم من الشيعة، ثم إذا انتهوا من الشيعة تحولوا إلى ذوى الاتجاه الدينى الوسطى أو حتى غيرهم من المشايخ السنيين الذين يختلفون معهم فى بعض الآراء.
أغرقوا كل من يختلف معهم فى الرأى أو فى النهج الايدلوجى بقواميس شتائم متنوعة من أمثلتها (هذا جاهل، هذا فاسق، هذا زنديق، أيها الأحمق، أيها المضل، أيها الكافر، أيها المنافق... الخ). فقط شاهد أى مقطع فيديو على اليوتيوب لأحد هؤلاء المشايخ وهو يتحدث عن قضية خلافية وستجده يستخدم مفردات هذه القواميس الشتائمية.
غالبية مشايخ هذه القنوات والبرامج يجيدون لعب الأدوار المتعددة، فهو خطيب يستخدم مؤثرات صدى الصوت وهو فقيه يفتى، وهو عالم اجتماع يقوم بحل مشكلات المشاهدات والمشاهدين الذين يرسلون إليه برسائل SMS أو يهاتفونه عبر الرقم الخاص بالقناة، وهو متخصص فى العلوم الطبيعية يقوم بتحليل بعض الظواهر الطبيعية، ولا مانع أيضا من أن يكون خبيرا عسكريا واستراتيجيا فى بعض الأحيان يشرح لنا كيف نعد العدة للانتصار على العدو
الخطاب الدينى الإسلامى فى مجتمعنا الحالى فى أزمة حقيقية. مجتمعات دول العالم المتقدم تفرغت لإنتاج ما يفيدهم من ماكينات وبرمجيات، أما نحن فقد تفرغنا لإنتاج الفتاوى! فأصبح الناتج هو التدين الشكلى والتواكل والصوت العالى . .
دكتور بمعهد الدراسات التربوية - جامعة القاهرة*
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة