جلس مع نفسه وطال صمته حتى انقضت الساعات ولا شىء غير دموعه التى تسيل فى صمت يهز كل كيانه، دموع تسيل بداخله والحزن يكاد يقتله!
ليت الدموع دموع العين إنما دموع القلب والأحاسيس والتى فرضت نفسها على العين فبدأت تسيل منها دموعها محتضنة تلك الدموع الداخلية وكأنهما فى لقاء أحزان كل يواسى الآخر على مصيبته التى أصابته!
هكذا بدأت القصة تروى فصولها وتقلب صفحاتها عبر السنبن الطويلة والتى مضت بحلوها ومرها! وهو فى هذا الصمت الحزين يسأل نفسه من أنا؟! وأين أهلى؟!
نعم سؤال يصدم الكثيرين بالذهول وربما أتهموه بالجنون! لكن الجنون الحقيقى هو أن يكون بداخلك أهل وفى الحقيقة لا وجود لهم! أهل مسمى لا أهل حقيقة ومشاعر! وما أصعب أن تكون مندفعاً تجاههم بكل مشاعرك وهم بدون مشاعر أو أحاسيس تهاديهم الورود يهدونك الشوك والجراح!
جلس فى صمت يكاد يُقتل من طولهِ حتى انقضت الساعات وأوراق الماضى تُقرأ فى ذاكرته الصفحة تتلوها الأخرى حتى وجد نفسه ينتفض ويصرخ من داخله أين أهلى أين عائلتى صوت يدوى كل الأرجاء يكاد يُسمِع حتى من فى القبور! ولكن من يسمع؟! وكيف يسمعون؟! نعم كيف يسمعون؟! إنه انفجار داخلى لا أحد يسمعه بل يسمعه هو ويهزه هو لا أحد غيره ولا يستطيع سماعه أو تحمله إلا هو!
بدأت الأسئلة تطارده وكل سؤال يريد إجابة وتزاحمت الأسئلة حتى كادت تفقده صوابه فكانت تتخبطه وكأن وحوشا مفترسة انقضت عليه فصار يصارعها ويصارع أفكاره أملاً فى النجاة، فما أصعب أن تكون وحيداً أعزل وأنت تُحارب لا أهل معك ولا حتى أصدقاء!
وبدأت المعركة تشتد وتستعر حتى اشتعلت النيران وثار البركان وهاج وذاد فى الثوران وهو يصارع مع نفسه ليكبح كل هذا الغليان يصرخ ويصارع ويدافع يريد أن ينقذ نفسه وينشلها من هذا الهلاك.
فإذا بنور يسرى من الأعماق فيضىء ظلمتها ويطفئ نارها ويخمد بركانها.
فما أجمله من نور إنه نور الحق واليقين إنه نور رب العالمين الذى بدل الظلمة نور وطيب النفس من كل الشرور، حينها ابتسم مع نفسه ابتسامة كلها رضا وهو يصرخ من داخل أعماق نفسه ويقول الله وقلبه ينتفض وينطق بالكلمات فيتحرك بها اللسان ودموع الفرح تسيل، تسيل من النور الذى يغسل كل همومه ويريح ظنونه ويطيب القلب من آلامه ويريح العقل من أوهامه وهنا كل شىء بدأ يهدأ من جديد ويعيد اتزانه ويرجع إلى طبيعته، بل إلى أكثر وأجمل من طبيعته لأنها طبيعة غُسِلت بنور الحق واليقين فما أجمل النور إنه نور رب العالمين.
وبدأ يتمتم فى نفسه.. نعم.. من كان الله معه فلا يحزن فلا يوجد قرب أحب من القرب إلى الله وقرب الله لنا ولا يوجد حب أفضل من حب الله وحب الله لنا نعم سيكون الله هو الحبيب وهو الصديق وهو الأهل! يسكت فجأة عن الكلام ويقول لنفسه هل جننت؟!
تقول صديق؟! فالله هو الله ولا يجوز أن يشبه بما تقول! فيقول: وما المشكلة فى ذلك؟!
ألسنا نحب الأصدقاء ونتمنى منهم كل خير ونتمنى أن نراهم على أعلى درجة من الكمال وكثيراً ما يخيب الظن فيهم لأنهم بشر ويُحكمون بقوانين البشر؟! هل يوجد كمال غير كمال الله؟ وهل يوجد حب غير حب الله لعباده؟ وهل يوجد نصح وإرشاد أصدق من نصح الله؟ وهل يوجد رازق غير الله وهل يوجد من يخاف على عباده ويريد لهم كل سبل النجاة والصلاح والفلاح والسلامة فى النفس والبدن غير الله؟ ألا يستحق من يوصف بهذا وبه من الكمال أكثر من هذا فهو الكمال ذاته ألا يستحق أن نتخذه صديقا؟! أليست الحكمة والعقل والمنطقية فى ذلك والعكس غير ذلك؟! قالها وهو من شرح الصدر ويبتسم ابتسامة كلها رضا وسرور وطمأنينة وقلبه يضحك بين ضلوعه فتدفع ضحكاته الروح لتهيم والعين لتسيل فما أجملها من لحظة حين يقول:
نحمدك الله على نعمة حبك وحب من يحبك.
صبرى محمد أبوهاشم يكتب: نحمدك الله على نعمة حبك وحب من يحبك
الأربعاء، 26 مايو 2010 12:01 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة