مجد خلف تكتب: من تواضع لله رفعه

الثلاثاء، 25 مايو 2010 08:00 م
مجد خلف تكتب: من تواضع لله رفعه الإنسان مهما بلغت قوته وعلمه يقف عاجزاً أمام هذه الحشرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال تعالى "وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) وفى اللغة: سلب الشىء، أى سلبه قهراً، إن الله يرينا ضعف الإنسان وقلة حيلته أمام أضعف مخلوقات الله وأحقرها شأناً (الذباب)، وأن الإنسان مهما بلغت قوته وعلمه يقف عاجزاً أمام هذه الحشرة، وما أضعف الذى يهزم أمام الذباب ويعجز عن استرداد ما أخذه أو سلبه منه، والآية الكريمة تصف أحوال أولئك الظالمين الذين يتوجهون لغير الله سبحانه وتعالى، حيث تقرر حقيقة ثابتة؛ أن التوجه لغير الخالق سواء كان آلهة مدعاة أو أناساً قد وضعوا فى مراتب الألوهية من دون الله، بغرض طلب العون والنصر منهم ولو اجتمع كل هؤلاء وتساندوا؛ لن يستطيعوا خلق هذا الذباب الصغير الحقير، وبرغم صغر حجم الذباب إلا أن خلقه مستحيل كخلق سائر المخلوقات الأخرى، إلا أنه يحتوى على سر الحياة، فيستوى فى استحالة خلقه مع الجمل والفيل، ولكن الأسلوب القرآنى المعجز قد اختار أن يضرب مثلاً بالذباب الصغير الحقير، لأن الإحساس بالعجز عن خلق مثل هذا المخلوق الضعيف أكثر وأكبر من الإحساس بالعجز عن إمكان خلق مخلوقات أكبر حجماً مثل الفيل أو الجمل، وقد اختير الذباب مع ما فيه من الضعف لإبراز عظمة وقدرة الخالق عما سواه وإظهار آثار قدرته وبديع خلقه، وإن ضعف هذا المخلوق التافه (الذباب) قد منحه الله القدرة على إظهار عجز الإنسان، فإن هذه الحشرة الحقيرة الضعيفة تحمل فى ذات الوقت أخطر الأمراض وبإمكانها أن تسلب من الإنسان أغلى نفائسه: من الممكن أن تسلب العيون والجوارح، وقد تسلب الحياة والأرواح، بل والحياة نفسها كونها قد تحمل ميكروبات خطيرة كالسل والرمد مثلا، فهذه تذكرة من الله عز وجل للإنسان كى لا يتملكه الغرور، فإنه على الرغم أنه استطاع الوصول إلى القمر وإلى الكثير من الاكتشافات والمخترعات العديدة المذهلة؛ إلا أنه يقف عاجزاً كل العجز أمام هذه الحشرة الضعيفة التى تذكره كيف يعجز الإنسان أمام قدرة خلق الله مهما بلغ شأنه أو حجمه، وهذه دعوة لنا جميعا، رجالاً ونساءً بالتوجه إلى الخالق فى كل أعمالنا وتطلعاتنا وتوجهاتنا بقلب صادق وإيمان قوى بقدرته عز وجل، وذلك بالتوجه إلى الله والتسليم بعجزنا وضعفنا، وذلك بتنقية سرائرنا وجعل إسلامنا صافياً نقياً، لمعرفتنا وإدراكنا أننا ضعفاء، والقوة الحقيقية تكمن فى العودة إلى تعاليم ديننا الحنيف، الذى دعانا إلى عدم التكبر أو الغرور، وأن نتذكر الحديث الشريف إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس أقواكم، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، أى أن الإنسان سينال جزاء فعله، فإن عمل خيراً فسيجده، وإن عمل شراً أيضاً سيجده، وتذكرنا هذه الآية الكريمة دائماً بعدم تجبر الإنسان على أخيه الإنسان لأنه مهما تجبر؛ فسيبقى عاجزاً مكتوف الأيدى أمام ذبابة حقيرة، قد تكون السبب فى أن يمرض مرضاً شديداً، أو قد يجعل الله عز وجل نهايته عن طريقها بمرض مزمن أو عدوى لا شفاء منها، أى أن الله سبحانه يريد لنا أن نجعل ذكره نصب أعيننا فى كل ما نقول ونفعل، وأن نجتهد فى أن نقوم بالأعمال التى فيها الخير والنفع لنا، وهل يكره الإنسان ما يعود عليه بالنفع والخير؟ فى الدنيا يعود عليه النفع حب الناس له لتواضعه فى التعامل معهم، من منطلق إيمانه بقول الله تبارك وتعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، أما النفع الذى سيعود عليه فى الآخرة؛ فسيكون مع الأنبياء والصالحين بإذن الله، وجدير بالذكر أن فهمنا الصحيح لهذه الآية الكريمة سيجعلنا أكثر إيماناً بقدرة الله وأكثر تواضعاً له، وقد قرأت عن حياة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان أكثر الناس تواضعاً لله من كل معاصريه فى عهده أنه كان له غلام يعينه فى شئون حياته، إلا أنه كان قليلاً ما يطلب منه أن يقوم بعمل له، وفى ذات ليلة انطفأ المصباح، فقام عمر بن عبد العزيز فأشعله، فقال الغلام: لم لم تدعنى أقوم بذلك يا أمير المؤمنين؟ قال رضى الله عنه: ذهبت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر، رحم الله عمر بن عبد العزيز، وقد تعلم منه معاصروه هذا الدرس الرائع فى التواضع فلنفعل نحن أيضاً، ولنعلم صغارنا هذا الدرس ونعلمهم أهمية التواضع، كى يشبوا على القيم الإسلامية الصحيحة، ويعود ذلك عليهم بالخير فى الحياة الدنيا وفى الآخرة. والله من وراء القصد.
*سورية مقيمة فى مصر .





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة