محمد حماد

لا مؤاخذة أنت أهلاوى ولا زملكاوى؟

الثلاثاء، 25 مايو 2010 08:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا حزب فى مصر أقوى من حزبى الأهلى الحاكم والزمالك المعارض، حتى كفاية التى حازت قبولاً عاماً فى لحظة مد جماهيرى وفوران سياسى واكب أول انتخابات رئاسية فى مصر لم تكن مظاهراتها تحظى بالشعبية نفسها التى تواكب مظاهرات الفرح بلعيبة الأهلى العائدين بنصر قومى لا يجد له المصريون مثيلا على أى صعيد آخر غير الصعيد الكروى.

نجوم السياسة والعلم والاقتصاد والصحافة أقل بريقاً أمام بريق لعيبة الأهلى والزمالك الساطع فى سماء الوطن، قد يعتذر الرئيس عن حضور حفل المولد النبوى وينيب عنه محافظ القاهرة أو وزير الأوقاف فى حضوره، ولكنه لا يتغيب عن حفل تتويج الأهلى ثالثاً على العالم، وربما لا يجد وقتا يمنحه لتكريم العلماء فى عيد العلم لكنه يحرص كل الحرص على أن يستقبل برئاسة الجمهورية المنتخب العائد بانتصارات فبراير المجيدة.

تحولت كرة القدم فى كل مكان فى العالم إلى اقتصاد، ولكنها بقيت عندنا سياسة، والحكومة تجد من السهل عليها إقامة دورة للألعاب القارية أو حتى تحلم يوما من الأيام باستضافة كأس العالم بدون توفر أى من مقومات هذا الاستضافة التى كان مجرد ترشيحنا فيها فضيحة بجلاجل وبصفر واحد مع الرأفة، ولكنها لا تفكر أبدا فى اقتراح حلول لأزمة البطالة المستفحلة والتى هى السبب الرئيسى فى الالتفاف الجماهيرى الواسع حول الكرة التى تتقاذفها أقدام لعيبة هذا الفريق أو ذاك.

وإذا كانت الحكومة تدفع الشعب إلى الاهتمام المبالغ فيه بالكرة وشئونها إلى الحد الذى يقلل اهتمام هذا الجمهور بقضايا أهم هى المسئولة عن ترديها، فإن الجمهور يمارس اهتمامه المرضى بالكرة وباللاعبين وبالأندية بديلاً عن أحزاب لم تستطع أن تجد طريقها إليه، وتعويضاً بالانتصارات الكروية عن انتصارات قومية ووطنية غابت عن الساحة وخرجت من قاموس النظام الذى يعجز عن تحقيق أى تقدم على أى صعيد فأغلق أبواب الأمل فى نهوض وطنى طال الشوق إليه.

لنا الحكم ولكم الكرة هذه هى الصفقة التى يريد أهل الحكم أن يمرروها على الجمهور الذى استنام لفترات طويلة لهذه المعادلة الباطلة، وراح يجد فيها بعض التعزية له عن أدوار هى له بطبيعة الأمور وقد استلبها منه حكامه، وانغمس لشوشته فى أسعار اللعيبة وخلافات مجالس الإدارة وصراعات الحيتان الكبيرة التى تربت على مغانم الصفقة السرية المعقودة بين الجميع أن أغرقوا فى أوحالها وأغرقوا معكم من تستطيعون من الناس الطيبين ليخلوا لهم الجو ليبيضوا ويفرخوا على حسب الهوى والمزاج.

لفت نظرى أن شابا من عائلتى من مشجعى الأهلى المتحمسين (حتى لا أقول المهووسين) تابع باهتمام بالغ وقائع حرب العدوان الإسرائيلى على لبنان فى العام 2006، وكان منفعلا جدا بالنتائج التى يحققها حزب الله على الأرض، وحين سألته عن سبب حماسه المفاجئ بأمور السياسة كما يحب أن يسميها فقال لى: لاحظ أننى وجيلى لم نعش حرباً بين العرب وإسرائيل، الجانب العربى فيها هو صاحب اليد العليا، رغم أن عمر قريبى هذا تجاوز الثلاثين عاما بقليل، وهى المرة الأولى التى يشاهد فيها هو وجيله إمكانية أن ينتصر العرب على هذا الغول الذى ثبتت صورته التى لا تقهر فى أذهان أجيال طلعت من أوائل السبعينيات وحتى الآن وهى لا تعرف للعرب أى قدرة على المواجهة مع إسرائيل حتى فقدت الثقة فى نفسها وفى أمتها وفى مستقبلها.

الحرب على عقول هذه الأجيال جعلها تتشوق إلى نصر ولو على ملاعب النجيلة الخضراء فى بلد عز فيه الانتصار وغابت عنه لغة الإنجازات الحقيقية، والحرب على وجدان هذه الأجيال جعلها تشك فى إمكانية هزيمة أعداء الأمة فهزمهم الشك فى أمتهم قبل أن تهزمهم قوة عدوهم.

لم تعد الكرة فى مصر ترفيه ولا هى رياضة تربى الأجيال الجديدة على المنافسة الشريفة، بل أصبحت كأنها هى أفيون الشعوب الجديد ولذلك ستجد الرئيس فى بلدان العالم الثالث هو راعى الكرة لأنها توفر له الغطاء الواقى من غضب جماهير لو أفاقت من أفيون الأهلى والزمالك لاستفاقت على حكام لا إنجاز لهم غير الكوارث والأصفار الكبيرة.

لا مؤاخذة.. أنت أهلاوى، ولا زملكاوى؟





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة