طوال أربعين عاماً لم أحلم للحظة بأن أكون فرداً من أسرة صحفية مصرية، بل لم أحلم يوماً بأن أزور القاهرة لأكثر من أيام معدودات، لكنى وباعتبارى منتمياً إلى جيل الشتات العربى الحديث، وجدتنى فجأة ومن دون مقدمات فى أحضان أم الدنيا أتقلب بين يديها، التى تمنعنى من السقوط، بل كانت يديها دعامتى الأولى والأخيرة للسير فى طريقى الجديد.
بعد مرور أيام على وجودى كسائح عادى منبهر بالضخامة والعظمة والتاريخ والآثار تحولت إلى حالم بإقامة ممتدة لأيام أطول، بل لشهور، فلم أحس بالغربة، بل أحسست أنى بين أهلى وناسى، فالطيبة تلاحقك أينما حللت لدرجة تجعلك تتمنى لو أنها ليست موجودة.
قلبتنى أمواج القاهرة الزكية المشبعة برذاذ النيل إلى أن وصلت إلى شواطئ أحد المواقع الإلكترونية التى كنت أراقبها عن كثب، فوجدتنى بين ليلة وضحاها أتنقل من أحضان إحدى أعرق الورقيات البيروتية مروراً بورقيات الخليج الحديثة وصولاً إلى اليوم السابع الشابة التى اقتحمت المجال الإلكترونى بقوة، فناضلت وقاتلت لتحتل مكانتها بين الكبار، ليس فقط على صعيد القطر المصرى، بل العالمى أيضاً.
فى اليوم الأول لحلولى ضيفًا على عائلة اليوم السابع تخيلت نفسى فى بيروت فى إحدى الصحف البيروتية العريقة، تفاجأت، بل صدمت، فصوت فيروز أول صوت تسمعه عند دخولك صباحاً إلى المكاتب، وعندما تدب الحركة وتبدأ حركة جمع وصناعة الأخبار تستطيع وبسهولة أن تلاحظ بأن غالبية الرنات على الموبايلات هى نغمات لفيروز وأغانيها الخالدة.
حتى عندما أتى زياد بن عاصى للقاهرة فتم التعاطى معه كأنه الابن الضال، وأى خبر عن بيروت وجبلها وساحلها وشرقها وجنوبها يتم التعاطى معه كأنه شأن مصرى، فوجدتنى بين أهلى وناسى بل أكثر، فمجتمع اليوم السابع يضم أطيافاً متعددة من الأديان والطوائف والأحزاب والعقائد والسمة الرائعة لتعاطيهم هى المحبة والبسمة والكلام الجميل، وبالطبع النكتة الحلوة التى "تشيل" الهم عن القلب.
ربما يقول البعض إنى أقول هذا الكلام عن اليوم السابع لأنى أصبحت من أسرتها، لكن أقول لهم لا وألف لا، فلو كنت من هذا النوع من الأقلام لما وصلت أساساً إلى أم الدنيا، وعاشرت أحفاد الفراعنة، بل ربما بقيت فى بيروت أو إحدى الدول الخليجية التى تخلت عنى لسبب لا أعرفه، فكل ما أقوله وأكتبه نابع من القلب وموجه إلى القلب فقط.
وأكثر ما شدنى إلى اليوم السابع المصرية – اللبنانية – العربية الإدارة التحريرية الممزوجة بالحداثة والخضرمة، فهى صاحبة الهزات الأرضية وتسونامى القرارات القوية، التى جمعت بين عراقة الورقيات كون غالبية المدراء المخضرمين يتحدرون منها، والأسلوب الإلكترونى، بل الإيمان بالصحافة الإلكترونية إلى أقصى حدود، إلى درجة المراهنة عليها بمالهم وسمعتهم، واستمروا بمراهنتهم برهانهم على وجودى بينهم بين ليلة وضحاها.
أما عن الزملاء والزميلات فسأحدثكم عنهم ولا حرج، فقد أصبحوا أصدقاءً وصديقات بل أكثر، واللافت المهنية الرائعة التى يتمتعون بها، خصوصاً أن أعمارهم فتية، حتى إن فاق الفارق العمرى بينى وبينهم عمر وحيدى الوليد الحبيب، فوجدتنى بينهم بل بين أفكار جميلة وقدرة على العمل وإصرار على التقدم والتطور لا مثيل له..
أشكر اليوم السابع الذى أوصلنى إلى هذه العائلة الرائعة والتى أوجدت لى وطناً أفتقده وأدعو الله الخالق أن يعطينى القوة والأفكار لأثبت جدارتى بينكم أكثر والأيام كفيلة بكشف كل الأسرار والغد لناظره قريب.