فيلم «تلك الأيام» يكشف عن رؤية جديدة فى تعامل وزارة الثقافة مع الأفلام التى تشارك فى إنتاجها، فالفيلم يكشف بشكل مباشر عن الفساد الحكومى والمساومة التى يعقدها أحيانا بعض رجال الحكومة مع عدد من المثقفين لتوليتهم مناصب قيادية، فى مقابل تجميل وجه الحكومة إعلاميا، فالحكومة وافقت على الاستعانة بهؤلاء المثقفين من أجل التصدى للآراء التى تهاجمها وتكشف ضعفها، وذلك من خلال «سالم عبيد» الذى يجسد دوره محمود حميدة، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة وأحد أهم مثقفى الوطن الذى تمنحه الدولة جائزتها التشجيعية، وأثناء احتفاله بها يحضر رئيس الوزراء ويعده بتولى منصب وزير الثقافة.
الغريب أن الفيلم يعلى من قيمة وشعبية قناة الجزيرة المعروفة بمواقفها العدائية للنظام المصرى، حيث اختار المخرج أحمد غانم وكاتبة السيناريو علا عز الدين قناة «الجزيرة» التى أطلقوا عليها «قناة العرب» لتكون هى القناة التى تتناول عملية المواجهة والمناظرة بين الدكتور «سالم عبيد» المكلف من الحكومة، وفى نفس الوقت المقرب جدا من السفارة الإسرائيلية والأمريكية، حيث يعقد صفقات تخدمه وتخدم الحكومة أيضا، فهو يلعب على الجانبين وفى نفس الوقت نراه فى مواجهة إعلامية فى برنامج مع «جون لافارش» طارق التلسمانى ومستشار الأمن القومى بأمريكا وأحد المستشرقين فى الغرب، ولكن أثناء الفاصل يتلقى دكتور «سالم» مكالمة هاتفية من رجاله يخبرونه بأن زوجته قد تم القبض عليها مع «على النجار» الضابط السابق على كوبرى قصر النيل، وهنا تأتى جرأة المخرج والفيلم فى فضح «سالم» لكل تفاصيل حياته الشخصية بغير عمد، وحديثه أثناء المكالمة بشكل عفوى عن أسباب وجوده فى البرنامج، وتأكيده على أنه جاء بتكليف من أجل تجميل وجه الحكومة مقابل الحصول على منصب وزارى، دكتور سيد خطاب، رئيس الرقابة، يرى أن الفيلم قيمة أدبية كبيرة فى الأساس، وبالتالى خرج فى شكل قيمة سينمائية، وتناوله الجرىء يدل على ليبرالية الوزارة فى دعمها للسينما، فلا يوجد أى شكل من أشكال التدخل فى الأعمال التى يتم إنتاجها.
أما فيما يخص قناة الجزيرة فأوضح المخرج أحمد غانم لـ«اليوم السابع» أن ما قد يراه البعض إعلاء من شأن القناة ليس كذلك، لأن ما حدث مع بطل الفيلم كان نوعا من عدم الأمانة، لأن البرنامج استمر فى بث الكلام الخاص الذى كان يتحدثه «سالم عبيد».
وأضاف غانم أن الرقابة كانت لديها اعتراضات على بعض الخطوط مثل علاقة «سالم عبيد» بالسفارة الإسرائيلية، وتداخله مع النظام الحاكم فى الفيلم، لكنهم بعد عدة جلسات تفهموا طبيعة الفيلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة