تعرف الديمقراطية، على أنها حكم الشعب لنفسه، أو أنها نظام سياسى واجتماعى معين، يسير عليه الناس والمجتمع، ومن أهم مقوماتها و مبادئها: حكم الأكثرية (أى أنه لو فرضت ثقافة أو قوانين الأقلية لم تعد ديمقراطية)، فصل السلطات و توزيع الصلاحيات (مثل توزيع الأدوار لتكون فى يد الرئيس و وزرائه والنواب والمحافظين وغيرها)، الانتخاب (وتمثيل كافة فئات الشعب)، سيادة القانون (واحترام الدستور بالطبع وهو غالبا أهم قواعد الديمقراطية،وبدون ذلك تصير فوضى خلاقة)، اللا مركزية (وهذا يتم زيادته فى مصر حاليا)، تداول سلمى للسلطة (أى أنه لو حدث عن طريق انقلاب أو ثورة لم يعد ديمقراطية)، و أخيرا المعارضة الوفية ( وليست المعارضة التى عليها شبهات انتماء إلى أى جهات خارجية أو معادية).
فمن يقل إنه يريد ديمقراطية ولا يريد الخضوع لرأى الأغلبية، أو يريد التغيير بطرق غير سلمية، أو بعدم احترام القانون (الدستور)، فهو يدعو لشىء آخر غير الديمقراطية!.
و يوجد بعض المصطلحات الأخرى، مثل الديمقراطية الليبرالية (التى يضاف إليها رعاية حقوق الأقليات وإحداث التوازن بين حقوقهم وحقوق الأغلبية) وهذا موجود فى مصر بشكل كبير، و يزيد عاما بعد عام، وبالطبع لا يوجد فى إيران مثلا، لأنهم ينتهكون حقوق غير الشيعة، والتوازن هو رمانة الميزان للديمقراطية، أى الجمع والتوازن بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، (فلا يمكن إلغاء هذه المؤسسات كاملة، ثم الادعاء أنها ديمقراطية، كما يحاول البعض حاليا)، والتوازن بين السلطات الدينية والدنيوية، (أى أنها لا تكون علمانية صرف أو إمارة خلافة دينية)، وأخيرا التوازن بين القبائل والأعراق والمناطق، (أى توزيع الاهتمام بين الريف والحضر والبدو والصعيد وبحرى).
و تتحقق شرعية أى حكومة، من قبول الغالبية بها، (بينما فرض رأى جماعات مسلحة أو أقليات معارضة بقوة السلاح، يبطل الديمقراطية)، وهذا يختلف عن الغاضبين أو الليبراليين الذين فى نهاية الأمر يرضخون لحكم و رغبة الأغلبية، ومن أهم البنود أيضا استعداد الطرف الخاسر لقبول نجاح الطرف الآخر، وهنا يسمونهم المعارضة الوفية أو الموالية المستعدة للقبول برأى الأغلبية عبر الانتخابات، ولا يمكن القول أبدا إن الانتخابات النزيهة وحدها تضمن تحقيق الديمقراطية، لأنه بدون وعى شعبى عبر المؤسسات السياسية والمدنية، يكون تحقيق ذلك صعبا فى بلاد لم تعرف الديمقراطية، وتعتمد على ثقافة العنف والدموية.
و يوجد ديمقراطية مباشرة (أى تصويت مباشر للشعب على أى قانون تريد الحكومة وضعه)، والغير مباشرة أو النيابية (عبر اختيار نواب وممثلين لهم فى البرلمان، يصوتون بدلا عنهم على القوانين) كما فى مصر.
و يشترط لسلامة إجراءات الديمقراطية، أن كل عضو بالغ هو مشارك فى الحكم، ولابد أن يكون هناك أرضا (دولة غير محتلة)، وذات سيادة (بدون تدخل قوى خارجية)، وتكتسب شرعيتها بمقدار استعداد الشعب، لقبول نتائجها، والرضوخ لها، و لو كانت تتعارض مع آرائه الشخصية، و توفر للشعب حقوقا، مثل الملكية الخاصة، و تفرض عليهم واجبات مدنية ومسئوليات، وتتنوع نظم الديمقراطية، ولا يوجد لها نموذجا واحدا ملزما، فمنها الديمقراطية الليبرالية كما ذكرنا، وهى نيابية، وتفرض دستورا يضع الحقوق والقيود، ويحق لها مؤقتا (و فى وقت الطوارىء)، الحد من هذه الحريات، طالما تم الاتفاق على ذلك من الحكومة أو البرلمان أو بالاستفتاء.
أما تعريف الفوضويين، فهم من يعارضون تطبيق الديمقراطية، ومن أفكارهم أن الديمقراطية لا شىء، وأن طغيان الأغلبية أسوأ الإشكال، لأنه لا يستند إلى الدين، ولا العرق، لكن يعتمد على أرقام مجردة، وبينما تفترض الديمقراطية، أن الشعب وحدة واحدة، وإن اختلف حسب فوارق الدين أو الجنس أو اللغة، إلا أن الصراعات تحدث، وهناك البيروقراطية التى ترى عدم جدوى أى قوانين جديدة، وأما عن موضوع تغيير السلطة بعد فترة قصيرة المدى، فهو ضمن نوع واحد هو الديمقراطية الليبرالية، ويعترض عليه البعض بحجة أنه يضيع اهتمام وجهد البلد، كل بضعة سنوات قصيرة، لأجل صراع سياسى بين مرشحين، لأجل مصالحهم، و من أهم المشاكل لجوء المرشحين لأخذ تمويل من جهات، لدعم حملاتهم، للتغطية على جهلهم بمشكلات البلد.
و من بين مميزاتها الاستقرار (وتعتبر أفضل من قلب الحكم بثورات)، بينما يؤخذ عليها أنه فى أوقات الشدة والتعرض لخطر الحرب، تستغرق وقتا أطول لأخذ موافقة البرلمانات، بينما الأنظمة الدكتاتورية تتخذ قرارا أسرع، ولكنها فى المقابل توفر حرية الصحافة، الاستقرار، حياة نيابية، تقلل الفساد، تقلل الإرهاب، تقلل الفقر، وتقل فرصة دخولها فى حروب وصراعات مع دول أخرى، وتقل فرصة قتل الحكومة للشعب، تفرض سيادة القانون، وتحقق نمو اقتصادى، وهذا فقط توضيح إن هناك تعريف للديمقراطية، وهو موجود فى مصر، وإنه يوجد أنواع للديمقراطية وليس نوعا واحدا، وإنه لا يوجد تحديد أو إلزام لفترات الرئاسة أو تجديدها، وإن ما يحدث من المعارضة حاليا، هو على العكس تماما من الديمقراطية، لعل وعسى أن يفهم البعض ويعرف الفرق!.
