عمرو غازى يكتب: مصر كما نريدها

الأحد، 02 مايو 2010 08:22 م
عمرو غازى يكتب:  مصر كما نريدها

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الوقت الذى ينشغل فيه الشارع المصرى بالحديث عن آماله فى التغيير والديمقراطية والتداول السلمى للسلطة٬ وجدت نفسى أتساءل: كيف هى مصر التى نريدها حقا؟ وما هو النموذج الذى يسعى المصريون لتحقيقه من خلال التحول الديموقراطى؟
فالتغيير هو بالتأكيد ليس هدفا فى حد ذاته٬ وإنما وسيلة نريدها لتحقيق أهدافنا.

هل نريد دولة غنية يرتدى شعبها أفخر الثياب ويركبون أفخر السيارات وأكثرها فخامة٬ أم أننا قد نفضل دولة تكون مؤثرة فى محيطها السياسى، دولة تصنع الأحداث لا تستجيب لها٬ دولة فاعلة لا مفعول بها.

فى محاولتى للإجابة على هذه الأسئلة، أو التساؤلات، أخذت خيالات أحلام اليقظة تراودنى. فرأيت، فيما يرى النائم، وزير البترول يعلن عن اكتشاف بحر من البترول تحت رمال الصحراء الغربية، ثم أخذت الصور تتلاحق فى ذهنى لأرى مصر تنضم لمنظمة أوبك ، بل وتصبح أحد أهم أعضائها.

بالطبع كان لى نصيب فى هذا الحلم فرأيت نفسى فى المقعد الخلفى لسيارة هامر يقودها سائقى الخاص ، الفلبينى الجنسية بالطبع فلم يعد هناك مصريون يعملون هذه المهن، فى طريقى إلى الفيلا الخاصة بى، حيث يستقبلنى الحارس الهندى مهللا ٬ ثم رأيت نفسى جالسا على منضدة الطعام حيث تقدم لى خادمتى الفلبينية الطعام الذى أعده طباخى التركى.

بالطبع أنا لا أعتبر نفسى من الأغنياء، فأنا مازلت أنتمى للطبقة المتوسطة وما ذكرته من مظاهر الترف هو ما يتمتع به أغلب المواطنين من طبقتى.

استفقت فجأة لأجد نفسى، رغم استمتاعى بهذه الخيالات، غير راض عن مظاهر الترف المبالغ فيها و وجدتها، أى تلك المظاهر، لا تشبع احتياجاتى، وشعرت بنفس الفراغ الذى أشعر به فى الواقع.

عادت إلى الخيالات لأجد مصر نمرا أفريقيا ينافس النمور الأسوية ويتفوق عليهم، وجدت الصناعة المصرية تنافس الكورية والصينية والتايوانية، ومرت عينى على شوارع القاهرة لترى شوارع نظيفة وعمارات جميلة ونظام مرورى منقطع النظير.
مرة ثانية عدت إلى الواقع ولكن هذه المرة شعرت أننى أقترب مما أريده لمصر وإن كنت ما زلت أشعر بأنه ما زال هناك شيئ مفقود.

عاد عقلى إلى السرحان ثانية٬ فرأيت مندوب مصر لدى الأمم المتحدة يلقى خطابا إلى العالم من مقر الأمم المتحدة، تحدث الرجل بكلمات قوية واضحة لا تقبل التأويل عن الشعب الفلسطينى والوضع الإنسانى المتردى هناك وخاطب ضمير العالم لكى يواجه العنف الإسرائيلى تجاه المدنيين الأبرياء، ثم قال إن مصر لن تصمت إزاء هذه المجازر وأنها، أى مصر، قد تصبر كثيرا ولكن ردها سيكون عنيفا.

ثم استطرد ليعلن للعالم أجمع أن القدس عربية و أن مصر لن تسمح أبدا بتهويدها وإعلانها عاصمة لإسرائيل٬ وأن أى محاولة لهدم المسجد الأقصى ستكون عواقبها وخيمة على إسرائيل.

ثم انتقل ليتحدث عن أفريقيا ويطالب دول العالم بالتعاون مع مصر لمواجهة الفقر والجهل والمرض فى أدغال القارة السمراء.
سافرت بخيالاتى إلى القاهرة لأجد الناس فى الشوارع تعلوا وجوهها ابتسامة فخرا ورضا٬ وجدت المحافظين والوزراء والمسئولين يعملون كثيرا ويتكلمون قليلا، فهم بالطبع يعلمون أن الشعب يستطيع أن يسحب منهم الثقة حال إخفاقهم فى تحقيق أمانيه ومتطلباته.

عدت إلى الواقع هذه المرة وأنا أعرف ما أريد لمصر٬ أريد مصر التى يعيش شعبها حياة كريمة حيث يجد مسكنه ومأكله وعلاجه فى متناول يديه٬ مصر التى تسموا فيها قيم العدالة حيث لا فضل لأحد على أحد إلا بالكفاءة، مصر التى يعرف شعبها أنه هو الحاكم الحقيقى، وأيضا مصر المهمومة بقضايا أمتها العربية والإسلامية، مصر التى يخشاها العدو ويحسب حسابها الصديق، مصر التى ينتظر العالم تصريحات مسئوليها وتعقيباتهم على ما يستجد من أحداث على الساحة الدولية.

لا يريد المصريون أن يركبوا سيارات فارهة ويسكنوا قصورا مشيدة٬ ولا يريدون أيضا حسابات مليونية فى البنوك، إنهم يريدون فقط العدالة والحياة الكريمة.. إنهم يريدون كرامتهم.

المصريين لم يكونوا أبدا شعبا غنيا ولكنهم كانوا أبدا شعبا أبيا.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة