د. أشرف بلبع

الدكان وصاحبه

الأربعاء، 19 مايو 2010 07:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان فى اثنين جيران لكل منهما دكان، حسنى وجاره نبيه كبرا فى السن، وزادا على الثمانين. جلسا للدردشة، فيما فات وما هو آت.

حسنى قال الدكان دكانى وأنا مستريح فى مكانى والحال ماشى إلى أن ينتهى زمانى. رد عليه جارة نبيه، وقال الدنيا بتتغير كل يوم وهل نستطيع مجاراة كل تغيير؟، نحن كبرنا وآن الزمن الذى نسلم فيه ونستريح، وهنا افترق الجاران كل بتفكير.

حسنى صمم على الاحتفاظ بمكانه فى دكانه إلى آخر نفس، وجلس والمنشة بيده أمام الدكان يشرب الشاى مع رفاق الزمان ثم يغفو، والمشترون ما هم غير فئة من المزعجين، يطلبون ما هو غير موجود، ولا يعجبهم المعروض، يتساءل حسنى أين الناس الطيبون الساكتون أبناء الزمن الذى فات، العيب فيهم وليس لى من العيب حتى الفتات، فالشكر لى أنى مازلت أدير دكانى، صحيح الدكان غير نظيف ولا يلمع زجاجة فأنا كبرت على نظافته مثل زمان، وأغفو طوال الوقت، وما حيلتى فى ذلك، وأنا سنى كبير ودائما أحس أنى تعبان، دخلى من الدكان قليل فلا قدرة لى على التوسع، وما ضرورة التعامل مع الكثير من الموردين، ولكل منهم سجل يوجع دماغى، وما ضرورة التوصيل للمنازل، وماذا حدث للزبائن؟ أيريد كل منهم أن يتدلل فى طلباتة وأيضا يستلمها هناك على عتباته؟ ما العيب فى استقرار الحال على ما كان.

صحيح زبائن تريد التدليل وأنا لا طاقة لى على هذا التدليل. سأبقى مستقرا فى دكانى ولن ألقى بألا للتغيير، يقولون طلبات العيلة والأحفاد زادت، طيب هو أنا قلت لهم إولدوا واكتروا، الميزانية ضعيفة وأنا رجل كبير. قالوا أترك الدكان وفى الخيال يطوروه وقالوا عندهم أفكار، فالدكان له موقع وحولة المشترين ساكنين ورايحين جايين، قالوا استريح واقرأ الجورنال واتمشى ونام. شوف أحفادك واحكى لهم عما فات، وافتح لنا طريق نسعى فيه بدلا من أكل الفتات، طبعا هذا كلام غير معقول ابقى أنا زى جارى نبيه صاحب الدكان النزيه اللى تقاعد وقال كبرت، كفاية كده، محل نبيه أصبح رائجا وفيه ألف صنف، ومن كل لون والطلبات من كثرتها غير ملاحقين والحقيقة الدكان نظيف، طيب هذا كله محتاج مصاريف، وأنا على القد ماشى، ولكن أنا صاحب الدكان مازلت باقى وإلى آخر نبض أنا أدير دكانى.

* أستاذ بطب القاهرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة