أكدت الباحثة اللبنانية دلال البزرى، الاختصاصية فى علم الاجتماع والخبيرة فى الحركات الإسلامية المعاصرة، أن إقرار مشروع القانون حول الحظر التام للنقاب فى فرنسا الذى يفترض أن يبحث فى مجلس الوزراء الفرنسى غدا الأربعاء، سيزيد من الشعور بالاستياء لدى المسلمين "المعتدلين".
أضافت أن اتخاذ القرار من الناحية الأمنية هو أمر مفهوم إلى حد كبير، لا سيما بسبب المخاوف المرتبطة بـ "الإرهاب" فى الغرب، مع تنامى الخوف من النقاب الذى يخفى تماما هوية الشخص، مشيرة إلى أن التيار السلفى الداعى إلى ارتداء النقاب يزداد ويعبر عن شعور بـ"تفوق" الحضارة الإسلامية فى مواجهة الحضارة الغربية. ومؤيدو النقاب مقتنعون تماما بأن المستقبل لهم.
لكن تطبيق قانون حظر النقاب من شأنه أن يزيد الشعور بالاستياء لدى المسلمين المعتدلين فى فرنسا المنزعجين أصلا من النقاش الذى حصل حول الهوية الوطنية، إذ أن الأمر لن يقتصر حينها على الكلام، بل سيصبح قانونا، قائلة: "أعتقد أن تطبيق مثل هذا القانون قد يخلق نوعا من التعاطف لدى المسلمين المؤمنين بقيم الجمهورية الفرنسية، فيجعلهم يفكرون كمسلمين رغما عنهم".
أوضحت البزرى أن فرنسا ودولا أوروبية أخرى تدور فى حلقة مفرغة، إذ لديها الحق بالحظر، لكنها، بفرض الحظر، تعرض نفسها لردات فعل عكسية، مشيرة إلى أن هذه الدول ناجحة أمنيا فى ملاحقة "الإرهاب الإسلامى" وضعيفة فى تعاملها مع التشدد الدينى الإسلامى، وذلك عائد إلى حد كبير إلى مصالح نسجتها مع دول إسلامية.
وترى البزرى أن مشكلة فرنسا بالتحديد تكمن فى أنها لا تتقبل تاريخها وتراثها المسيحى بالمعنى الثقافى، صحيح أنها علمانية، لكن إرثها مسيحى، هذه هى الأزمة التى تعانى منها، فى بريطانيا مثلا لا يوجد هذا التوتر فى التعامل مع الدين، مضيفة أن هناك أزمة هوية بالتأكيد، حتى لو أن المدافعين عن النقاب يشكلون أقلية، فإن طبيعة الإسلام الذى يروجون له فى أوروبا تطغى على التيارات الأخرى، وهم الذين يحتلون العناوين الأولى فى الصحف، لا المسلمين العلمانيين أو المتحررين.
وقالت إن فرنسية منقبة قد تدفع مواطنين فرنسيين آخرين إلى طرح أسئلة مثل: "ما هى قيمنا المشتركة؟، ماذا يعنى أن أكون فرنسيا؟"، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن فى أن الطبقة السياسية هى التى تقود هذا النقاش، ولم تتوصل فرنسا إلى بحث المسألة بمعزل عن الاعتبارات السياسية، وإن أنصار أقصى اليمين راضون اليوم مثلا عن خطاب وزير الداخلية بريس أورتفو بعد قضية نانت (عندما دافع اورتفو عن قرار فرض غرامة على سائقة ترتدى النقاب)، وهناك صعود منتظم للتيار اليمينى الفرنسى القائم على الهوية.
النقاش الجارى إذن لا يعكس دائما حسن النية، إنه يشبه الجدل المتعلق بأزمة الهوية لجهة نقص الصراحة الذى يتسم به، هناك كلام عن الإسلام، عن المهاجرين، عن الأقليات.. يتم خلط كل شىء من دون النقاش فى جوهر المشكلة، وهناك مبالغة فى الإعلام.
وأضافت أن ما ينقص فرنسا هو تيار فكرى قادر على التفكير فى المسألة مع تجنب الوقوع إما فى منطق (المفكر الإسلامى المثير للجدل) طارق رمضان، وإما فى منطق (رئيس الجبهة الوطنية الفرنسية جان مارى) لوبن، هناك حاجة إلى رؤية واضحة وعدم إضاعة الوقت بالشعارات.
أكدتها الباحثة اللبنانية دلال البزرى..
حظر النقاب فى فرنسا قد يزيد من استياء المسلمين
الثلاثاء، 18 مايو 2010 04:08 م