فى خضم هذا الحراك المجتمعى والمؤسسى الرهيب يأخذنى تفكيرى إلى بعض الأسئلة التى تعتصر ماتبقى لى من عقل وهى من المسئول عن هذا الحراك ومن هو المهتم به بالأساس؟
وبنظره للوضع نكتشف أننا نعيش فى مجتمعين فى بلد واحد فطبيعى أن يؤدى ذلك إلى ما يسمى بحوار الطرشان.
فلا الأول يسمع للثانى ولا الثانى يمارس دوره بشكل صحيح ويساعد على تنفيذ مخطط الأول.
فمن وجهه نظر النظام أنه يرى نفسه المسئول الأول والأخير أيضا عن هذا النقاش المجتمعى وقد تم ذلك بناء على خطاب السيد رئيس الجمهورية فى خطابه الشهير فى مدرسة المساعى المشكورة فى 2005 بتعديل بعض مواد الدستور واهما الماده 76 التى تتيح إجراء انتخابات لاول مرة فى الجمهورية المصرية.
بل يذهبون إلى أبعد من ذلك إلى أن المظاهرات والاعتصامات والاضرابات هى أحد مميزات هذا التعديل الدستورى الأخير وليست دليل على فشل النظام كما تدعى قوى المعارضه باختلاف تياراتها.
أما القلة المندسة كما أسماها مسئول فى الحزب الوطنى وهى المعارضة بكافه تياراتها ترى أنها هى المسئول الوحيد بل والمسبب لكل مايحدث من حراك مجتمعى ومؤسسى داخل الدولة المصرية حيث إنها من وجهة نظرها ترى فى نفسها المدافع الحقيقى عن حقوق الشعب المهضوم حقه منذ أمد بعيد وهى أيضا من تثير الإضرابات وتنزل بكل صفوفها إلى الرصيف المسمى مجازا برصيف الشعب لتعلن عن غضبها وعدم رضائها عن الوضع الحالى والمطالبة الدائمة بمزيد من التعديلات الدستورية التى تسمح للجميع بالمشاركة الفعالة والقوية فى الحياة السياسية.
وما بين هؤلاء وهولاء يقف الشعب حائرا، فلا هو قادر على الارتضاء بما يقدمه الحزب الحاكم والمسيطر على مقاليد الأمور _وان كان صامتا على القليل _ ولا هو قادر على الانضام لصفوف المعارضة بشكل علنى _وان كان مرتضيا بالتأييد الصامت أيضا_ وهذا ما يدفعنا للسؤال الثانى وهو من المتهم أصلا بهذا الحراك المجتمعى غير مجتمع الحزب الحاكم ومجتمع القلة المندسة.
فلا هذا أثر على الشعب بتأييده له، ولا ذاك أقنع الشعب بالانضمام لصفوفه.
وبنظرة طائر محلق على معظم النظريات السياسية فى العالم وبالنظر أيضا معظم الدول المتشابهة بيننا وبينهم الأحوال فنجد أن وضع مصر مختلف واقعيا عن كل الأنظمة فى العالم وإن كان متشابه نظريا مع الكثير منها.
ونتيجة لكل ما سبق نستنتج أنه لا يوجد أحد أيا من كان فى بر المحروسة من أدناها إلى أقصاها يستيطع أن يجاوب على هذه الأسئلة إجابة وافية شافية أو يتوقع ماذا سيحدث ولو غدا فقط فى مصرنا العزيزة.
