تناولت صحيفة لوفيجارو الفرنسية توقيع إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، وقالت الصحيفة فى بداية تقرير لها حول القضية، حدث ما كانت مصر تخشاه.. فبعد عشر سنوات من المفاوضات قامت أربع دول فقط من حوض النيل بالتوقيع على اتفاقية لإعادة تقسيم مياه النيل الذى تصبح مصر من دونه صحراء شاسعة.. لكنها استبعدت أن تنشب حرب حول المياه فى المنطقة.
تقول الصحيفة إن قيام أوغندا وإثيوبيا ورواندا وتنزانيا بالتوقيع على نص بتشكيل لجنة لإدارة مشاريع الرى والقنوات والسدود على طول نهر النيل تعد ضربة لمصر. خاصة أن هذه الدول ظلت تطالب الحكومة المصرية لفترة بالمشاركة فى تلك المفاوضات، ولكن دون جدوى.
وتضيف الصحيفة أن اختيار أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا التى تمثل قوة إقليمية كبيرة، لتكون مقرا لهذه اللجنة التى تملك حق الفيتو على أى مشروع بنية تحتية خاص بالنيل تعد إهانة إضافية لمصر، التى رفضت على الفور هذه الاتفاقية بلهجة حادة تلوح باحتمال نشوب حرب حول المياه. حيث صرح وزير الخارجية المصرى أحمد أبو الغيط أن حقوق مصر التاريخية فى المياه لا تزال خطا أحمر، فى حين أكد وزير الرى والموارد المائية محمد علام على أن مصر تحتفظ بحقها فى اتخاذ جميع التدابير اللازمة.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الأمر يمثل مسألة حيوية بالنسبة للحكومة المصرية، لاسيما أن 90% من احتياجات المياه للشعب المصرى، الذى يبلغ 80 مليون نسمة، تعتمد على موارد نهر النيل. وتذكر الصحيفة أن مصر تحصل على نصيب الأسد من مياه هذا النهر، وتحتكر هى والسودان معا 87% من مياه نهر النيل.
وهذا هو الوضع الذى تسعى إلى تغييره الدول الأربع فى حوض النيل والتى وقعت على الاتفاقية. إذ أعلن وزير الموارد المائية فى إثيوبيا "أن مياه النيل ملك لجميع الدول، وليس لقلة قليلة منهم". يأتى هذا فى إطار سعى كل من إثيوبيا (85 مليون نسمة) وأوغندا (31 مليون نسمة) اللاتين تضما منابع النيل إلى تطوير أوضاعهما. حيث قررت إثيوبيا أن تصبح أكبر دولة مصدرة للكهرباء فى شرق أفريقيا.
وفى هذا السياق، تشير الصحيفة إلى أن المسئولين فى مصر يحاولون طمأنة أنفسهم آملين فى أن تلك الدول "المنشقة"، على حد وصف الصحيفة، ستجد صعوبة فى العثور على رؤوس المال اللازمة لتنفيذ تلك المشروعات.. وذلك دون الأخذ فى الاعتبار الصين التى تمول بالفعل العديد من المشاريع ومواقع العمل وستقوم بالتالى بالتصرف وفقا لمصالحها.
كما تلفت الصحيفة النظر إلى عامل إضافى يثير قلق الحكومة المصرية، وهو توقيت توقيع هذه الاتفاقية المثيرة للجدل الذى يأتى قبل ثمانية أشهر من استفتاء يناير 2011، والذى من المرجح أن يؤيد انفصال جنوب السودان حيث يمر النيل الأبيض، خاصة وأن إثيوبيا وأوغندا تعدا من الحلفاء القدامى لرجال جنوب السودان، التى ستمثل الحكومة المستقبلية للدولة الجديدة المحتملة، وهو ليس بالنبأ السار لمشروع بناء قناة جونقلى، الواقع فى جنوب السودان والمتوقف العمل به على الرغم من انتهاء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب فى عام 2005.. وهو المشروع الذى تعتمد عليه مصر بشكل كبير، حيث ينبغى أن يعمل على تحسين تدفق النيل الأبيض.
وتتساءل الصحيفة فى نهاية تقريرها: هل يمكن أن تنفذ مصر تهديداتها؟ وتجيب قائلة: إنه من الصعب فى الواقع توقع مشاركة الجيش المصرى فى حملات ضد دول بعيدة تضم قوات مدربة على القتال والصعاب. كما تذهب الصحيفة إلى أن حرب المياه أمر لن يحدث بالتأكيد.
وتنقل فى هذا السياق رأى صوفى بومييه، المستشارة المتخصصة فى الشئون المصرية، إن "مصر سيتحتم عليها على الأرجح أن تتفاوض فى هذا الشأن، وأن تفقد بشكل عرضى جزءا من هيبتها ونفوذها فى المنطقة".
استبعاد نشوب حرب حول مياه النيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة