سعيد الشحات

أفريقيا فوق سطح الأزهر

الإثنين، 17 مايو 2010 12:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازلت أذكر هذه الواقعة حتى الآن رغم مرور نحو 20 عاماً عليها.
كنت أعد تحقيقاً صحفياً حول الطلاب الأفارقة فى مصر لمجلة اسمها "المنبر" وتصدر فى باريس، وإلى جانب موضوعاتها العربية، تصدر جزءاً باللغة الإنجليزية خاص بهموم أفريقية لأن المجلة توزع فى بعض البلدان الأفريقية وأهمها نيجيريا.

اخترت بدء تحقيقى من أمام جامعة الأزهر تطبيقاً لفهم شائع بأنها الجامعة التى تعد قبلة الطلاب الأفارقة المسلمين، وبدأت لقاءاتى مع طلاب من السنغال ومالى وأفريقيا الوسطى وكينيا وتنزانيا وغانا وغينيا ونيجيريا وإثيوبيا، كان حشد الذين قابلتهم كثيراً وتم ذلك على عدة أيام، وانتقلت اللقاءات إلى المبنى الذى كان مقراً لحركات التحرر الأفريقية، وفيها قابلت طالب سنغالى كان يدرس فى كلية الشريعة وكان رئيساً لاتحاد طلاب غرب أفريقيا.

كانت حصيلة هذه اللقاءات ثرثة، وأمدتنى بمعلومات غزيرة عن صورة مصر فى أفريقيا، ومن خلالها كنت أشعر بأننا نمضى فى الطريق الذى يجعلنا نفقد صورتنا الإيجابية، سمعت منهم كيف يعانون العيش فى القاهرة لا أنهم بعد أن كانوا يأتون كمبعوثين، أصبحوا يأتون على نفقتهم الخاصة، وبالتالى لا يسكنون فى المدينة الجامعية، ولأنهم لا يتحملون تكاليف السكن، لا يجدون إلا السكن فوق سطح الأزهر وتطاردهم الشرطة ثم يعودون بعد كر وفر معها، وكان هذا بالنسبة لى مفاجأة كبيرة، وسمعت من طالب كيف بلغ الضيق مبلغه بزميل له، واختفى فجأة وانقطعت أخباره حتى عاد لزملائه بعد فترة، التحق خلالها بجامعة فرنسية، وكان جواز مروره تغيير ديانته من الإسلام إلى المسيحية.

حكى الطلاب كم هو متغلغل الأزهر فى نفوس المسلمين فى أفريقيا، وقالوا إنهم يعودون إلى بلادهم محملين بقيمة الأزهر العظيمة، ويواجهون فيها حملات التبشير.

تحدثوا عن جمال عبد الناصر بوصفه الزعيم الذى يتعلق به الأفارقة، وأنهم يعرفون أن الأجيال التى سبقتهم كانت أحسن حظاً من تلقيها التعليم فى مصر، حيث كانوا يحظون باهتمام كبير من الحكومة فى مصر، وكذلك من حكومة بلادهم التى كانت ترسل الطالب إلى القاهرة ويعود وفى يقينه أنه سيصبح وزيراً فى فترة قصيرة، والسبب دراسته فى مصر.

كان حال الطلاب بائساً والمشاكل تحاصرهم مثل قصة إقامتهم فوق سطح الأزهر، ولا أعرف إن كانت مستمرة حتى الآن أم لا؟، تولدت المشاكل من رحم تغيير نظرة مصر إلى أفريقيا، نظرة أصبحت سلبية وتفتقد إلى أى رؤية مستقبلية تقوم أن هذه القارة هى ظهيرنا الذى يأتينا منه ماء النهر، وها نحن الآن نجنى ثمار ما حدث منذ السبعينيات من القرن الماضى وحتى الآن. ودعنا أفريقيا والنتيجة كل هذا القلق مما يحدث فى دول الحوض، التى وقعت أربع دول منها على اتفاقية تقلل من نصيبنا فى مياه النيل، نخسر مياه النهر منذ أن بدأت السياسة المصرية فى سبعينيات القرن الماضى، تتعامل باستعلاء على دول القارة، ناسية كل الجهود التى بذلها جمال عبد الناصر من أجل تأمين حصة مصر من هذا المياه، وأدى هذا الاستعلاء إلى أن يسكن طلاب القارة فوق سطح الأزهر مطاردين من الشرطة، فماذا ستكون نظرة هؤلاء نحو مصر بعد عودتهم إلى بلادهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة