د. خميس الهلباوى

ماذا نريد لمستقبل مصر؟

الأحد، 16 مايو 2010 07:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تطالعنا الصحف الأمريكية من وقت لآخر بتحقيقات تفيد أخباراً تتعلق بالشئون الداخلية المصرية، المتصلة بالديمقراطية داخل مصر وبين أفراد الشعب المصرى، وأعتقد أن المقصد الأمريكى بالديمقراطية أن تتحول مصر بثقلها وتاريخها إلى دولة أخرى تابعة لأمريكا تسير على هواها وعلى مبادئها مثل أسرائيل مع الفارق أن أمريكا تسير فيما يخص القضية الفلسطينية بإملاءات وإيحاءات وعلى هوى إسرائيل التى نعرف جميعاً أنها الولاية الأمريكية رقم 51، فشعب مصر بسماته وصفاته وحضارته الضاربة فى التاريخ يختلف تمام الاختلاف عن الشعب الأمريكى ولن يقبل أن تصبح مصر الولاية الأمريكية رقم 52، لمئات الأسباب التى منها الأيدلوجية والتاريخية والثقافية والحضارية، إن الشعب المصرى بجميع فئاته واختلاف دياناته الإسلامية والمسيحية وأى ديانات أخرى، نشأ وترعرع على وادى النيل، منذ بدأ التاريخ، ونحن نشعر بنكهة الشعب المصرى منذ مولدنا ومولد آباءنا وأجدادنا.

ولا أقول إن مصر لا يجب أن تكون دولة ديمقراطية ولكننى أطالب بأن تكون مصر فوراً وفى أقرب وقت دولة ديمقراطية مصرية مسلمة ومسيحية تتسع لجميع الأديان والاعتقادات وتطبق فيها المواطنة الكاملة كما كان الحال قبل الثورة، وقبل ظهور التخريب باسم الدين، وقبل التطرف بجميع أشكاله وعندما كان التسامح وإنكار الذات هو أهم سمات الشعب المصرى.

فكيف يحدث ذلك؟، لقد طالعتنا الصحف المصرية بخبر جعلنى أفكر فى كتابة هذا المقال، وهذا الخبر يقول أن الملتقى العالمى للأزهر الشريف برئاسة الشيخ الفاضل شيخ الأزهر يدعو لتدريس «المذهب الأشعرى» فى جميع مناهج التعليم، مع العناية بربطه بالقضايا المعاصرة لنشر الإسلام الوسطى المعتدل ومواجهة تيارات التكفير والتطرف التى تسببت فى الصراعات الشيطانية التى يعيشها العالم بعد أحدات 11 سبتمبر 2000 التى شهدتها الولايات المتحدة الأمركية والإسلام منها براء.

فإذا كانت أمريكا تحاول تشجيع الفوضى فى مصر لصالح تطبيق ماتسميه بالعولمة، فإن مصر يمكنها تطبيق العولمة بالطريقة التى تخدم بها المصالح المصرية وليس المصالح الأمريكية والإسرائيلية فقط، ومن المعروف أن أمريكا تركز فى اتفاقياتها الخاصة بالعولمة وعن طريق منظمة التجارة العالمية تسعى جاهدة لتسخير جميع أسواق العالم لخدمة الاقتصاد الأمريكى الإسرائيلى.

إن أمريكا تركز أولا على تطبيق قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم واحد بصفة جوهرية وأساسية فى اتفاقاتها، وبالرغم من أن اتفاقية الكويز المصرية الأمريكية الإسرائيلية تساهم فى تشغيل بعض المصريين، فبالممارسة وجدنا أن هذه الاتفاقية لاتعمل الا لتسخير المصريين والاقتصاد المصرى لخدمة الاقتصاد الأمريكى واليهودى مع إلقاء بقايا الطعام للمصريين أو نفايات العمليات إلى المصريين، وقد امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع مصر، للضغط عليها حتى ترضخ، لطلبات أمريكا فى تدمير التقاليد والعادات المصرية وتجعل مصر تسير فى ركاب أمريكا والولاية الواحد والخمسين وهى إسرائيل.

إننا نريد ديمقراطية وسطية تنبذ وتحارب التطرف الدينى بأشكاله المختلفة، ويعيش فيها المسلمين الذين يعتقدون فى المذهب الأشعري، الذى يتبع الإسلام الوسطى، والذى يسير عليه الأزهر الشريف والذى استغل بعض الإرهابيين تخلى الأزهر الشريف عن متابعة رسالته تطبيقا ودعوة للشعب المصرى المسلم، وترك المجال لمن يسمون أنفسهم بالسلفيين، مع أن الأشاعرة من السلف أيضاً، فلماذا لانعود لدستور 1923 بعد تنقية وتنقيح بنوده ومواده حتى يتناسب مع مبادئ المذهب الأشعرى من الناحية الإسلامية وعلى ما يريح إخواننا أقباط مصر من مبادئهم المتسامحة، ونعود سويا إلى المواطنة الحقيقية الكاملة، وننبذ أى دخيل على مصر، ونتخلى عن الجمود والديكتاتورية، إن الشعب المصرى بدياناته المختلفة لايستحق كل مايحدث له من شرور بأيدى أبنائه أولا.

فالمطلوب من المصريين أن يتقبلوا أن تصبح مصر دولة أمريكية علمانية تؤمن فقط بالمبادئ الأمريكية البحته وتتخلى عن التقاليد والعادات المصرية المتوارثه منذ آلاف السنين والتى اختلطت وامتزجت بالتقاليد والعادات والحضارات الأوربية على مر التاريخ، القديم والحديث!!!.

لقد نقلت إحدى الوكالات الأمريكية الصهيونية عن مسؤولين أمريكيين قولهم: «إن واشنطن ترغب فى ظهور عملية سياسية أكثر نشاطا وشمولا فى مصر، بالنظر إلى أن محمد البرادعى، مدير عام وكالة الطاقة الذرية السابق، تسبب فى حالة حراك». وأضافت الوكالة فى تقرير لها مؤخرا تحت عنوان: «الولايات المتحدة تريد منافسة فى سياسة القاهرة: إن البرادعى يختبر الساحة السياسية للقيام بمحاولة محتملة لخوض الانتخابات الرئاسية»، واستدركت: أن «البرادعى لم يشر إلى ما إذا كان سيرشح نفسه كى يتحدى الرئيس مبارك فى انتخابات الرئاسة التى تجرى فى ٢٠١١، من عدمه».

إن قول الكاتب الأمريكى بمجلة «فوربس» الأمريكية "ديفيد شنيكر"أن أمريكا ترقب البرادعى كتحد محتمل للرئيس مبارك أو نجله جمال، هو التطور الأكثر أهمية فى الحياة السياسية المصرية خلال السنوات الماضية، إنما هو كلام غير مسئول، ودفع أمريكا للشعب المصرى بعضه ببعض لايمكن تفسيره بحسن نية، واشهد ياتاريخ أن الخراب سياتى على أيدى الفتنة التى زرعتها أمريكا وإسرائيل باسم الديمقراطية الحديثة بين عقلاء مصر.

ومع الأسف لا يحمل طالبى التغيير غير تغيير الأشخاص فقط، اى الحكام فقط، وبالرغم من وجود علماء بينهم فى القانون الدستورى وخبراء، لم نقرأ لهم برنامجا سياسيا لتطبيق الديمقراطية غير التغيير!!!.

وقال الكاتب الأمريكى فى مقاله الذى حمل عنوان، «أمل على ضفاف النيل»: إن إغراء البرادعى لخوض السباق الرئاسى أدى إلى تنشيط جمهور الناخبين ولو بشكل مؤقت، وأنه منذ تقاعده من منصبه فى وكالة الطاقة الذرية، يصنع مانشيتات صحفية من خلال نقده للحكم فى مصر، حيث أدان فى سلسلة من اللقاءات التليفزيونية غياب الديمقراطية، والإيقاع البطىء للإصلاح، مؤكدا حاجة البلاد للتغيير.

ومن مقال هذا الكاتب نرى التحريض المباشر على الدخول فى صراعات مباشرة بين الدكتور البرادعى والرئيس مبارك!!، ويقول "يصنع البرادعى مانشيتات صحفية من خلال نقده للحكم فى مصر، حيث أدان فى سلسلة من اللقاءات التليفزيونية غياب الديمقراطية، والإيقاع البطىء للإصلاح، مؤكدا حاجة البلاد للتغيير.

فهل نقد الحكم وتحدى القيادة السياسية بطرق عدائية هى الطريقة الوحيدة للتعامل مع مشاكل مصر أم لإلهاب روح التحدى والعداء بين القيادة السياسية وأى دعوى للإصلاح؟.

ما غفل عنه الجميع أن نظام الحكم فى مصر نظام مركزى منذ آلاف السنين وليس نظام أمريكى أو نظام "الكاو بوى"، فلو كان نظام الكاو بوى فما أسهل التحدى المباشر ولكن معالجة النظام المركزى تختلف عن "الكاو بوى" ياسادة.

• دكتوراه فى الإدارة ورجل أعمال.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة