فى الوقت الذى تعيش فيه مصر أجواء غير مستقرة بسبب انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى، ثم مجلس الشعب، وتبعات تمديد العمل بقانون الطوارئ فوجئنا بمشروع قانون لتعديل قانون المحاماة، يلغى قدرة الجمعية العمومية على سحب الثقة من نقيب المحامين، ويفتح الباب لغير أصحاب مكاتب المحاماة للترشيح لمنصب النقيب مما قد يعنى وجود نقيب غير عمال بمهنة المحاماة.
ومن يتابع أجواء المحامين منذ الإعلان عن هذا التعديل الذى تقدم به نائب الوطنى وعضو مجلس نقابة المحامين عمر هريدى سيلحظ بلا شك حالة من الغضب العارم وسط أجواء المحامين الذين تدافعوا اليوم من المحافظات إلى نقابتهم للدفاع عنها، وهو الأمر الذى أدى أيضا إلى تجاوز الخلافات بين النقيب السابق سامح عاشور والمحامين الإخوان الذين قرروا الوقوف صفا واحدا ضد هذا التعديل الغريب.
ولن أطيل الحديث عن أجواء الغضب وسط المحامين، لكن السؤال المهم هو: لمصلحة من إثارة مثل هذا الجدل وفى هذا التوقيت؟
فى الحياة النيابية يفترض أن يكون لدى كل حزب حاكم أجندة تشريعية واضحة المعالم، وهو يحدد فى برنامجه الانتخابى كل خمس سنوات التشريعات التى سيسعى إل تعديلها خلال الفترة التى يتولى فيها الأغلبية، ويفترض أيضا أن تكون هذه الأجندة التشريعية موزعة على الأعوام الخمسة التى هى عمر البرلمان، وأحيانا تضاف تشريعات عاجلة تستدعى الحاجة تعديلها دون أن تكون مدرجة على الأجندة التشريعية للحزب الحاكم.
لكن الملاحظة المهمة أن تعديل قانون المحاماة بشكله الذى جرى لا تنطبق عليه هذه الشروط، مما يعنى أنه لا توجد حاجة ماسة لتغييره، وهو أيضا ليس ضمن الأجندة التشريعية، وبالعكس تماما فهو يؤدى إلى إثارة مشاكل أكثر مما يؤدى إلى فوائد.
وهذا يعنى بلا شك أن تعديل التشريعات فى مصر أمر لا يحكمه المنطق أو المصلحة العامة، وإنما تتحكم فيه عوامل شخصية بحتة، كأن يحاول الحزب الوطنى الحفاظ على نقيب المحامين الحالى باعتباره قياديا فى الحزب الوطنى، فى وقت لم يسبق فيه للحزب السيطرة على هذه النقابة المهمة من قبل.
وطالما ظلت القوانين يجرى تعديلها وتغييرها لمصالح ضيقة، ومن أجل أشخاص بعينهم، فلن يستقيم حال هذا البلد أبدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة