محمد فهيم

رفقا بنا!

السبت، 15 مايو 2010 03:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعالى والكبر واستحقار خلق الله صورة مزرية نراها فى كل مكان فى بلدنا المسكين الذى ينظر إليه آخرون ظنوا أنهم أفضل منه نفس النظرة المميتة المقيتة.

فياللعجب أننا بدلا من أن نتكاتف ونتلاحم ويشعر بعضنا بألم أخيه لنواجه من يهين كرامتنا، أصبح كل منا لا يشعر إلا بنفسه بل لا يرى إلا شخصه وكأنه وحده صاحب الحق ومالك التكية والوريث الشرعى الوحيد، فها هو صاحب السيارة الفارهة ينظر إلى من هو دونه على أنه حشرة لا شىء أن داسها ولوثت عجلات سيارته، وكأنه لا حق له فى السير بالشارع أو عبور الطريق، وتجد إحساس الضيق والضجر مرسوما على وجه صاحب العجلات الأربع وكأنه لا يعلم أنها مجرد عجلات قد تنهى حياته فى لحظة.

شعور صعب على المواطن بالشارع وهو يحس الغربة فى وطنه ويمشى بشوارعه ويملؤه إحساس بأنه منبوذ أو أنه لا حق له فى هذه الأرض التى بيعت للأغنياء ولا حياة للفقراء ولا عزاء لأبنائهم.
وما أثار دهشتى وغضبى أن هذه العدوى انتشرت على ألسنة السادة مذيعين التلفزيون المصرى، فها هى مذيعة فى أحد برامجه تعلق على حادث سيارة نقل على كوبرى أكتوبر وهى تقول أنا لا أدرى هما سيابين سواقين النقل دول ليه وكأن هؤلاء السائقين كانوا قد أتوا من إسرائيل لتفجير مصر، والست المذيعة زعلانة وعاوزة الأمن يقبض عليهم ويعذبهم ويسجنهم أو يطردهم من مصر أم أن منظر السواقين بينرفز حضرتها وخصوصا أنهم لابسين مقطع ومزيت ومشحم ومش حالقين ذقنهم وبيشربوا سبارس وريحتهم وحشة والست المذيعة لابسة آخر موضة من باريس وعاملة شعرها فى لندن ولابسة جزمة من إيطاليا وحطة برفان من نيويورك وعلشان كدا إزاى بنت الزوات والعز وأكل الوز تصطبح بوشهم على الطريق علشان كده عاوزة تخلص من القرف ده.

ألا تدرى هذه المذيعة أن هؤلاء السائقين مصريون مثلها تماما وأن لهم الحق فى السير بالطريق وأنهم يخرجون سعيا على رزقهم من أجل حصد الملاليم التى لا تسد الرمق، وأن السيارات التى يركبونها تعول أسرة أو أسرتين من الفقراء المعدمين وأن هذه السيارات تحمل للقاهرة طعامها وما تحتاجه من بضائع ولولاهم لجاع أهل القاهرة وطبعا هى ليست منهم لأن كل حاجات سيادتها بتيجى بالطيارة من أوروبا طازة بطازة.
وما يزيد غضبى وعجبى ودهشتى ما أراه من رجال الشرطة الذين تنشرح صدورهم عندما يرون سيارة نقل وكأنهم ظفروا صيدا ثمينا "عكس أصحاب السيارات الفارهة والست المذيعة" وفى لمح البصر يقف السائق ويهان ويُزل وتؤخذ رخصته وتكتب له المحاضر ويلف كعب داير على المرور لدفع المخالفات وقبلها يكون دفع الأتاوات، فكم رأيت رجالا ونساء أمام وحدات المرور حيارى حزانة، تشوى وجوههم حرارة الشمس ولا رحمة بهم ولا شفقة ولا ضمير يرأف بهم أو يشعر بما يعانون، أما السادة البهوات ولاد بابى ومامى فلا سلطان لشرطى عليهم وإذا حدث فالرخصة سوف تصل إلى بيتهم مع مخصوص ومعها خطاب اعتذار.

فى أى بلد نحيا ومع أى بشر نعيش، إن الأمر مهين والمرارة فيه شديدة قتل لمشاعر الفقراء من كل ذى سلطة أو سطوة أو مال إلى متى تظل هذه الصورة هى الحادث اليومى فى شوارعنا متى ينتهى التعالى والكبر من بيننا؟ ففى أوروبا كل فرد له احترامه فى المجتمع لأنه صاحب دور لا يمكن الاستغناء عنه، ولقد رأيت بعينى وأنا فى مقاطعة رانتسالمى بفنلندا محافظ المقاطعة يأكل على مائدة واحدة معنا ومعه سائقه فى الكرسى المجاور فتذكرت حينها مصر المحروسة وكيف يتعامل أهلها كلُُُ مع أخيه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة