بحكم المحكمة.. من يعترض على ألف ليلة ويراها خادشة للحياء «مريض» و«تافه»

الجمعة، 14 مايو 2010 12:42 ص
بحكم المحكمة.. من يعترض على ألف ليلة ويراها خادشة للحياء «مريض» و«تافه»
وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأن الثقافة هى الحيطة الواطية التى لا يجد طالبو الشهرة وعشاقها سبيلا للنجومية إلا على حسابها وحساب رجالها، ولم يكتف مقيمو دعاوى الحسبة والسطو على سمعة المدعين، بممارسة وصايتهم على الإبداع والفكر المعاصر، بل يريدون الآن ممارسة الوصاية بأثر رجعى، بادعائهم أن هناك فى كتب التراث، ما يخالف العقيدة ويزدرى الأديان ويخدش الحياء، وهى التهم الجاهزة التى يحفظها بعض المحامين المتفرغين لتسول الشهرة، وادعاء البطولة.

الوصفة سهلة، والنتيجة مضمونة، والأتعاب محفوظة، هذه هى خطة بعض المرتزقة من المحامين الذين يستصعبون الطريق الحقيقى للمجد والشهرة المفروش بالتعب والاجتهاد، فيختصرون سنوات التعب والعمل الجاد باستغلال لفظة هنا ولفظة هناك، وتأويل مغرض للإبداع، ويقيمون قضاياهم، غير عابئين بمدى الخسائر التى يتكبدها المجتمع، حينما يوضع المثقف فى قفص الاتهام.

ومع الاعتراف بوجود بعض مواد الدستور وبعض القوانين التى تسمح لمقيمى دعوات الحسبة بالالتفاف على القانون، والنيل من مفكرى مصر ومبدعيها، إلا أن القضاء المستنير يكون فى كثير من الأحيان هو الضمانة الأساسية لحرية الرأى، والإعلاء من قيم الثقافة والمحبة والإبداع والاحتفاء بالتراث، والدليل على هذا حكم محكمة شمال القاهرة الصادر فى 13 يناير من العام 1986 ببراءة موزع كتاب «ألف ليلة وليلة» من تهمة اتجار وتوزيع مطبوعات منافية للآداب، والحقيقة.. يصح أن نضع هذا الحكم المستنير العادل الذى قضى به المستشار المستنير «سيد محمود يوسف» ضمن أروع أحكام القضاء وأجلها، ويصح أن نعمم هذا الحكم الساطع على جميع قضايا الإبداع، فالرجل الراشد المثقف وضع أساسا قانونيا لكل قضايا الحسبة، وسد ثغرات الناهشين فى الإبداع بحجج قانونية ومنطقية مبهرة، ولمن يقتطعون أبيات الشعر وأجزاء الروايات قال فى حيثيات الحكم ببراءة موزع ألف ليلة وليلة: إن مقيم الدعوى نظر إلى محتويات الكتاب مقتطعة من سياقها، ونظر إلى بعض الجمل التى تحمل الظن منفصلة، وكان لزاما عليه النظر إلى محتويات الكتاب ككل متكامل، وردا على من يقولون بضرورة تخصيص بعض المؤلفات التى تحمل قدرا كبيرا من التحرر على الأدباء والدارسين، قال: إن قصر تداول ألف ليلة وليلة على المختصين هو «تخصيص بغير مخصص»، ومن غير المعقول أن تكون هناك مؤلفات للأدباء ومؤلفات لغيرهم، لأن هذا فرض وصاية على القراء، وفى هذا انتصار لفكرة إتاحة المعرفة للجميع، لأنه ببساطة لو قصرناها على المتخصصين لما أصبح هناك ثقافة عامة، وإذا عملنا بمدأ قصر الإبداع على فئة معينة، فبعد قليل ستصبح فئات الشعب جزرا منعزلة، ويوما بعد يوم، لن توجد ثقافة، ولن يوجد إبداع.. لا فى قاعات الدرس، ولا فى المكتبات.

نعود إلى حيثيات حكم المستشار المستنير «سيد محمود يوسف» الذى برأ مؤلف «ألف ليلة وليلة» من تهممة خدش الحياء، ووجه لطمة قوية إلى أصحاب دعاوى المصادرة على العقول، فيقول: إن المؤلفين المضبوطين تداولا منذ أكثر من مائتى عام، وهى بعيدة كل البعد عن فكرة انتهاك حرمة الأخلاق، ويعيد إلى هذا الكتاب العالمى كرامته وبهاءه فيقول: يعد كتاب ألف ليلة وليلة مكونا أصيلا من مكونات الثقافة العامة، وإنه قد خلب عقول الأجيال فى الشرق والغرب، وكان مصدرا للعديد من الأعمال الفنية الرائعة، الأمر الذى ينفى عنه مظنة إهاجة تطلع ممقوت، أو إثارة الشهوانية لدى قرائه، إلا من كان منهم مريضا تافها، وهو ما لا يحسب له حساب عند تقييم الأعمال الأدبية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة