جمال محمود

الإصلاح الذى نريد

الجمعة، 14 مايو 2010 07:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو غريب أمر أولئك الذين يعلنون عن نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وفق الآلية الحالية، رغم معرفتهم، بل وتأكدهم من أن مرورهم أو وصولهم إلى القصر الرئاسى أصعب من مرور الجمل من سم الخياط، وهذا يؤكد أن من هؤلاء من يريد أن يعيش الشو الإعلامى لا أكثر، أو هو مدفوع الثمن مقدما من قبل السلطة لخلط الأوراق مقابل عطية من عطاياها الكثيرة، فهى كريمة تفىء بكرمها على من تكلفهم بأدوار محددة، وهؤلاء هم لب الآلية السياسية الحالية وأدواتها، وهى مهنتهم التى يتعيشون من خلالها وهؤلاء لا يمثلون خطورة كبيرة، فالأرزقية موجودون فى كل مكان، وزمان ومعروفون بسيماهم فى وجوههم، ولكن الخطورة تتمثل فى الذين يعتقدون أن جماهيريتهم وشعبيتهم قد تقودهم إلى النجاح، رغم فشل التجارب السابقة التى خاضوها أو خاضها غيرهم، لأنهم بذلك يمنحون النظام مصداقية هو مفتقدها منذ سنوات طوال، وإطالة فى عمره الذى طاله الوهن والضعف، ولم يبق له من الخيال السياسى الكثير، فـ "الباطنية" الذين كانوا يجيدون صناعة الملاعيب فيه، بلغ بهم العمر عتيا، وخلت جراباتهم من الحيل، وثقلت أيديهم ولم تعد قادرة على إتيان ألعاب الخفة، وتركوا الأمر للأغرار الذين لم يبلغوا سن النضج التى تؤلهم للقيام بأعمال السحرة.
فما تحتاجه مصر الآن ليس مرشحين للرئاسة، أو مرشحين يستطيعون الحصول على بضع مقاعد فى مجلس الشعب، لا تسمن ولا تغنى من جوع، ولن تزيد الحزب الحاكم إلا تجميلا لوجهه الذى لن تستطيع الماشطة أن تصلحه حتى لو أتت له بكل مبتكرات المكياج، وتجعل من المعارضة أضحوكته التى يقدمها للعالم، حينما ينتشى بفوز يأتيه على طبق قوات الأمن، بل المطلوب تغيير القماشة تماما، وإعادة العمل السياسى والعمل العام فى مصر إلى جديته ونزاهته، كما يجب أن يليق بدولة عظيمة نفخر بالانتماء لها، وحينها تخرج من ثناياه شخصيات محترمة تفرض احترامها بتصرفاتها وجهدها وبمدى ما تقدمه للبلد والشعب من خدمات، مصر تريد إصلاحا سياسيا، أولا: ينهى إلى الأبد أن يكون العمل السياسى سبوبة ومصدر ثراء، حينما يسمح للبعض بعد دخولهم المجلس بأن يتحولوا إلى حيتان بمجرد حصولهم على الحصانة التى هى فى مصر دون غيرها من بلاد العالم "كارد بلانش" لدخول عالم الثراء الحرام بالاتجار فى المخدرات والتهريب بأنواعه وآخره تهريب الموبايلات، والاستيلاء على أراضى الدولة التى تجعلك مليونيرا فى ستة أيام، برعاية ومعرفة وتسهيل النظام وتحت عينه، مقابل أن يصمت هذا النائب أو ذاك أو يتحول إلى صبى يطلقونه ضد المتظاهرين أو المعارضين.

مصر أيضا لا تحتاج إلى مجلس نصفه من الأميين بحجة أن يكون نصف أعضائه من العمال والفلاحين، بل تحتاج إلى مجلس من ذوى الرؤى وأصحاب العقول المفكرة والتجارب الغنية، مجلس يحاسب الحكومة، لا يقف أعضاؤه أذلاء أمام وزرائها. وحينها إذا تم ذلك ستعود للشعب حيويته وثقته فى نفسه وإيجابيته التى سرقت منه بعد يأسه من العمل السياسى كله، وحينها يعود لمصر وجهها الحضارى الذى تباهى به الأمم، بعد أن تحولت إلى أضحوكتها.

صحفى مصرى مقيم فى الكويت.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة