عدد لا بأس به من معارفى بشكل عام يتهمنى بالوهم حين يسمعنى مُدافعاً عن النظام الحاكم ومُعدداً إنجازاته، وربما يكون أياً منهم على حق! وهذه (الربما) هى إحدى كلمات التشكيك التى استخدمها عند الرغبة فى إنهاء حوارى مع نفسى فى هذا الشأن الذى دائماً ينتهى عند جملة: أن العشرة سنوات القادمة هى الوحيدة التى تستطيع الفصل بين ما هو حق وما هو باطل فى الدفاع عن خطوات وقرارات ورؤية وإستراتيجيات النظام الحالى، والذى وهبت نفسى للدفاع عنه على الرغم من أننى لا أمُت له، ولا هو يمُت لى بأى صلة قرابة حتى الدرجة الخمسين!
ولكننى ومن خلال عينين أرى بهما، وعقل أفكر به، ورؤية قد أملُكها، أشعر أن 95 % من قرارات وخطوات النظام هى قرارات وخطوات صائبة أثمرت الكثير فى الوقت الحالى ولكن عائدها الأكبر يحتاج صبراً جميلاً! وليس لى الآن إلا أن أظل مُتهمَاً بالوهم لعشرة سنوات قادمة حتى نرى صدق رؤيتى أو كذبها، وحتى ذلك الحين فأعتقد أنه ليس هناك مانع من استمرارى فى توجيه الاتهام بالوهم أيضاُ إلى كُل من:
1- يؤرخ للحراك السياسى فى مصر بتاريخ ظهور البرادعى 2009 على شاشة مصر السياسية، وذلك لأن الحراك فى مصر حدث منذ 2004 أو بالدقة 2005 حين تم تعديل 34 مادة فى الدستور منها المادة 76 التى استحوذت على جميع أدوات الحراك منذ ذلك الحين وحتى الآن هى وشقيقاتها 77 و 88، ولم تكُن مصر فى انتظار البرادعى أو غيره لتبدأ حراكها! ولا أتزيد حين أقول: إن الحراك ربما بدأ منذ أن منح النظام تراخيص الصُحف المستقلة لأصحابها وكذلك تراخيص شاشات التليفزيون الخاصة!
2- يتهم النظام القائم بمصر الآن بالاستبداد والديكتاتورية على صفحات جرائد وشاشات تلفاز يشاهدها ويسمعها 80 مليون مواطن، فضلاً عن مئات الملايين من البشر حول المواقع الأليكترونية وهو الأمر الذى لابد أن نشهد فيه– بل ونقر ونعترف بديمقراطية النظام وقوته- لا باستبداده وديكتاتويته، فإن نظام يتيح هذه الحرية فى الرأى والتعبير، وأن نظام يتحمل كل هذه المعارضة، وكل هذا السب والقذف والشتم، وكل هذه الاختلافات حول سياساته وقراراته لا يُمكن أن يوصف بالاستبدادى والديكتاتورى!
3- كل من يعتقد أن النظام الحاكم ضعيف للدرجة التى يرتجف فيها خوفاً، ويرتبك فيها أرتباكاً من حركات وطلبات البرادعى ومؤيديه الذين لم يتعد عددهم حتى الآن (نصف مليون مواطن) نصفهم على الأقل (افتراضى) كقائدهم، ولتعلموا أن شعب مصر قوامه أكثر من 80 مليون مواطن منهم 3 مليون أو أكثر أعضاء فى الحزب الحاكم، هذا غير المؤيدين أمثالى ممن ليس لهم علاقة بهذه العضوية.
واسمحوا لى أخيراً أن أظل أتهم بالوهم أيضاُ كل من يرى أن مصر فى طريقها إلى فوضى أو انهيار أو كارثة أو غرق يحتاج انقاذ كما يحاول البعض تصديق نفسه أولاً بهذا الهُراء من الكلمات، وثانياً بمحاولة إلصاق التصديق ذاته بالبعض من قارئيه أو مؤيديه، فمصر يا سادة (شعباً وجيشا ومؤسسات وقيادة ودبلوماسية وقضاء وخارجية وأمنا ووضعا جغرافيا واستراتيجيا ومخابرات وأقتصاد ) أقوى بكثير مما تتخيلون!
كما أننى وبدون ملل سأظل اتهم بالوهم أيضاً كل من يُشكك فى المشروعات الكُبرى سواء توشكى أو طريق الصعيد الجديد أو المشروع النووى أو غيرها من مشروعات تحمل صفة المشروعات ذات الإستراتيجيات طويلة المدى، والتى ستكتمل بها نهضة مصر- بإذن الله- خلال العشرة سنوات القادمة أو أقل، وتضعها فى مصاف الدول ذات القوة الأقتصادية أمثال الدول التى نتمنى أن نكون مثلها ونتغنى بنهضتها بين الحين والآخر !
ووقتها سنعرف من منا هو الواهم وهو المُغيب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة