إذا نظرنا إلى تبريرات المبررين وتفسيرات المفسرين وتحليلات المحللين لما يجرى فى مصر طوال ربع قرن وأكثر، سوف نجد كلاما من عينة أن النظرية صحيحة والممارسة هى الخاطئة، وأقول هذا بمناسبة ما قالته رئيسة جهاز المنافسة ومواجهة الممارسات الاقتصادية، من أن قطاعات كثيرة فى مصر منها الألبان والحديد والأسمنت محتكرة فى السوق، لكنها خففت من وقع هذا وقالت إنها ممارسات خاطئة.
ونحن نعرف أن مشكلتنا من الألف إلى الياء تقع فى دائرة الممارسة الخاطئة التى تصيب بالأمراض وتسبب الحساسية، ومن المعروف أن الاحتكار السياسى هو أصل ومنبع الاحتكار الاقتصادى، وبتطبيق قاعدة الاستحواذ والسيطرة على الحزب الوطنى سوف نكتشف بدون أى جهد أنه يحتكر العمل السياسى من عصر خوفو، وبعض قياداته لها تاريخ صلاحية ممتد المفعول بلا انتهاء، ويفخر الوطنى بأن لديه نوابا فى البرلمان من أربعين أو خمسين سنة.
أما حكاية الممارسة الخاطئة فهى القاعدة التى تسيطر على سياسات واقتصاديات واجتماعات الحزب الحاكم منذ اختراعه على يد الرئيس الراحل أنور السادات، وهو من بقايا الاتحاد الاشتراكى عن هيئة التحرير عن الاتحاد القومى، ونعرف أن اسم الممارسة الخاطئة هو دلع الفساد والرشوة والمحسوبية والترهل والتفسخ، وإذا عرفنا أن هناك من حصل على 33 مليار جنيه سمسرة فى الخصخصة يمكن أن نراها مجرد ممارسة خاطئة، وتشريد العمال وتطفيش العمالة الماهرة هو نوع من الممارسة الخاطئة، ودعم تسقيع الأراضى وزراعة العشوائيات ممارسة خاطئة، والإيدز هو أيضا ممارسة خاطئة.
وليدلنا أحد ما عن أمر ما لم تظهر فيه السياسة الخاطئة، قانون المرور صدر وتم تعديله وأفسدته طبعا الممارسة الخاطئة، قانون الطوارئ مستمر من أجل الممارسة الخاطئة. نظام يقوم من الصباح حتى المساء على الممارسة الخاطئة. من الطبيعى والاصطناعى والإكتوارى أن تكون نتائج سياسات من تفسخ التعليم و"تبويظ" العلاج وتعميم الرشوة وتوسيع الفساد كلها ممارسات خاطئة تمثل القاعدة وليس الاستثناء، رغم أنها تقوم على احتكار واضح وخلط بين السلطات يجعل الاحتكار عابرا للسلطات والسياسات والمصالح.
هناك حالة من نقص المناعة السياسية تجعل من القاعدة تزييف الانتخابات بإشراف قضائى أو بدون، بشراء الأصوات أو منع المصوتين، باحتكار اختيار مرشحين ينجحون وهم تجار صنف أو لاعبى قمار أو مهربى سلع أو متهربين من الضرائب. ولاشك أن المبيدات المسرطنة كانت نوعا من الممارسات الخاطئة التى قتلت عشرات الآلاف ولا تزال، ولا ننسى أن ممارسة خاطئة كانت وراء انهيار مبنى معهد الأورام بعد أقل من عشرين عاما على إنشائه.
ماذا يبقى من الممارسات الصحيحة ليحل مكان الممارسات الخاطئة، غير الإيدز السياسى القادم من ممارسة خاطئة تنقل العدوى إلى كل الأطراف.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة