كما كان متوقعا طلب رئيس الحكومة من مجلس الشعب الموافقة على مد العمل بقانون الطوارئ لعامين قادمين، مما يعنى العيش فى ظل الأحكام العرفية 31 عاما، وهى مسافة زمنية كبيرة لقانون استثنائى يفترض ظهوره فى الحالات الاستثنائية والطارئة جدا.
مد قانون الطوارئ هذه المرة صحبه تعديلات وتسهيلات وتيسيرات، بتعهد الحكومة بعدم تطبيقه إلا فى حالات الإرهاب والمخدرات فقط، وسيكون من حق الحاكم العسكرى وفقا لقانون الطوارئ سحب تراخيص السلاح، واتخاذ تدابير الاعتقال أى الأمر باعتقال من يشكلون خطورة على الأمن العام.. بينما سيتم إلغاء أو تجميد بعض سلطات الحاكم العسكرى فى ظل الطوارئ ومنها مراقبة المطبوعات والمراسلات وإلغاء تراخيص الصحف ومصادرة العقارات، وإخلاء المناطق أو عزلها.
قال لى صديق: إذا لم نستطع إلغاء حالة الطوارئ فى ظل الأغلبية العددية لنواب الوطنى فى مجلس الشعب، فقد حصلنا على بعض التسهيلات، وهذا أضعف الإيمان، أو بمعنى آخر أصبح لدينا عصفور فى اليد.. فرددت: لكن الطوارئ لا تزال على الشجرة!
أنا شخصيا لا أعتقد بوجود أى مبرر لمد حالة الطوارئ أو استمرارها كل هذه السنوات، حتى فى ظل وجود الإرهاب يمكن التعامل معه بالقوانين العادية، مع الوضع فى الاعتبار أن مجلس الشعب بناء على طلب الحكومة سبق له تعديل قانون العقوبات منتصف تسعينات القرن الماضى لمعالجة الإرهاب الذى استجد فى تلك الفترة وضرب مصر بقوة.. وعرفت تلك التعديلاتت باسم قانون مكافحة الإرهاب.
ومن يرجع إلى الأرشيف الورقى للصحف المصرية فى ذلك الوقت، والمحفوظة فى دار الكتب سيجد أن مجلس الشعب قد أقر قانون الإرهاب من قبل، بمعنى أننا أيضا لسنا بحاجة إلى قانون جديد لمكافحة الإرهاب الذى تتعلل الحكومة بعدم الانتهاء منه، لتمد حالة الطوارئ.
وإذا كانت الحكومة قد خففت إلى حد ما قيود قانون الطوارئ، فإن هذا القانون الاستثنائى سيئ السمعة يظل موجودا، وهو سيف مسلط على رقاب الجميع حتى ولو لم تتوسع السلطة فى استخدامه، لأن إمكانية تفعيله فى أى لحظة تظل قائمة، مما يسقط الحقوق المدنية والقانونية للمواطنين.
الطوارئ ليست شرا لا بد منه، بل هى خطر لا مبرر له، وهو قانون يمثل عدوانا على الحريات العامة، وهو يعطل الدستور، ويجعل كل شىء فى الحياة متوقفا على مزاج ورغبة المنوط به تنفيذ حالة الطوارئ.
وحتى يتم إلغاء قانون الطارئ، ينبغى أن نقول جميعا: لا للطوارئ.