"مات الولد الساخر الذى كان يتحدى الحزن والكآبة بابتسامته"، بهذه الكلمات القليلة نعى الكاتب السيناريست بلال فضل فى حلقة أمس من برنامجه الثقافى الشهير "عصير الكتب"، الكاتب الصحفى الراحل محمود السعدنى، قائلا إنه على الرغم من كثرة كتابات وإبداعات "السعدنى" إلا أنه لم يأخذ حقه مثل بقية الكتاب، فعلى سبيل المثال لم يتم تكريمه إلا بعد أن تجاوز الثمانين من عمره، ولم تبادر دور نشر واحدة بنشر أعماله الكاملة أو حتى لم يطلق اسمه على إحدى المدارس الثانوية أو على قاعة من قاعات أقسام الصحافة بكليات الإعلام.
وأضاف: يا بلد بتأكل ولادها، التكريم الحقيقى الذى حصل عليه السعدنى كان من خلال قرائه، أما الدولة فكانت تكتفى بفتح السجون والمعتقلات له ولو سألت أحدا من المسئولين لماذا لم يهتم أحد به لقال لك "مش كفاية أنه متسجنش أيام مبارك".
وناشد فضل دور النشر الخاصة بإصدار كتاب يحوى كافة مقالات السعدنى ليكون بمثابة وثيقة أدبية ساخرة، وأن يتم تمثيل أعماله المسرحية الرائعة، كما طالب فضل وزير الإعلام "أنس الفقى" بشراء حلقات برنامج السعدنى من أوربيت والذى تجاوز عدد حلقاته 200 حلقة، وإعادة إذاعتها مرة أخرى على القنوات الفضائية المصرية.
واستضاف فضل خلال فقرة فى "المختصر المفيد" مؤلف كتاب "أيام مع الولد الشقى" للكاتب الشاب "سامى كمال الدين" والذى قال إن السعدنى كثيرا ما ساعده فى بداية طريقه الصحفى بجريدة الأهرام.
وأضاف: لا يجوز أن نتحدث عن السعدنى بدون أن تعلو وجهنا الابتسامة لأنه كان شخصا يكره الحزن واليأس، وعلى الرغم من أنه جاب بلاد العالم وعاشر علية القوم إلا أنه كان أكثر احتكاكا بالفقراء والصعاليك.
وعن الفترات التى شعر فيها السعدنى بالحزن قال "كمال الدين": عندما احتل الجنود الأمريكان العراق عام 2003 شعر السعدنى بالأسى والخزى لأنه كان مؤمنا بالعروبة جدا ويحب العراق وشعبه، وشعر بالحزن أيضا عندما تجاهله أصدقاؤه وامتنعوا عن زيارته فى الفترة التى تمن فيها المرض من بدنه، وهذا ما لم يكن يتوقع السعدنى أن يحدث معه أبدا.
وخلال فقرة سور الأزبكية تحدث الشاعر شعبان يوسف عن أولى كتابات الراحل محمود السعدنى وعن تراثه الأدبى المجهول، قائلا إنه عُرف بين القراء بأنه كاتب ساخر فقط وهذا غير صحيح على الإطلاق لأن السعدنى عندما بدأ مشواره الأدبى كان روائى وقاص وكاتب مسرحى ومن أشهر مجموعاته القصصية "السماء السوداء" الصادرة عام 1955، و"الحق المكتوم "عام 1951 والتى نشرت فى مجلة القصة آنذاك.
وأضاف: محمود السعدنى كانت كتاباته مرتبطة بالحياة الاجتماعية، وكان له أسلوب خاص فى السرد والكتابة وكانت له لغة خاصة واشتقاقات منفردة به، وكثيرا ما ناقش أهم القضايا وتناولها بطريقة ساخرة، وأتمنى أن يتم جمع مقالاته المنشورة بالصحف العربية ومقالاته فى النقد الفنى حتى يتعرف عليه الجيل الحالى من القراء.